وسئل شيخ الإسلام هل القصر في السفر سنة أو عزيمة ؟ وعن صحة الحديث الذي رواه الشافعي عن إبراهيم بن محمد عن طلحة بن عمرو عن عطاء بن أبي رباح عن { عائشة قالت : كل ذلك قد فعل النبي صلى الله عليه وسلم قصر الصلاة وأتم } .
فأجاب : أما القصر في السفر فهو سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في السفر قط إلا ركعتين وكذلك أبو بكر وعمر وكذلك عثمان في السنة [ ص: 8 ] الأولى من خلافته لكنه في السنة الثانية أتمها بمنى لأعذار مذكورة في غير هذا الموضع .
وأيضا فإن المسلمين قد نقلوا بالتواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في السفر إلا ركعتين ولم ينقل عنه أحد أنه صلى أربعا قط ولكن الثابت عنه أنه صام في السفر وأفطر وكان أصحابه منهم الصائم ومنهم المفطر .
[ ص: 9 ] وأما القصر فكل الصحابة كانوا يقصرون منهم أهل مكة وغير أهل مكة بمنى وعرفة وغيرهما وقد تنازع العلماء في التربيع : هل هو محرم ؟ أو مكروه ؟ أو ترك للأولى ؟ أو مستحب ؟ أو هما سواء على خمسة أقوال : أحدها : قول من يقول إن الإتمام أفضل . كقول للشافعي .
والثاني : قول من يسوي بينهما . كبعض أصحاب مالك .
والثالث : قول من يقول القصر أفضل : كقول الشافعي الصحيح وإحدى الروايتين عن أحمد .
والرابع : قول من يقول الإتمام مكروه كقول مالك في إحدى الروايتين وأحمد في الرواية الأخرى .
والخامس : قول من يقول إن القصر واجب كقول أبي حنيفة ومالك في رواية .
وأظهر الأقوال قول من يقول إنه سنة وأن الإتمام مكروه ولهذا لا تجب نية القصر عند أكثر العلماء كأبي حنيفة ومالك وأحمد في أحد القولين عنه في مذهبه .