وأما
النازل أياما في قرية أو مصر وهو في ذلك كأهل المصر : فهذا وإن كان يقصر لأنه مسافر فلا يجمع كما أنه لا يصلي على الراحلة ولا يصلي بالتيمم ولا يأكل الميتة : فهذه الأمور أبيحت للحاجة ولا حاجة به إلى ذلك ; بخلاف القصر فإنه سنة صلاة السفر .
والجمع في وقت الأولى كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم
بعرفة : مأثور في السنن : مثل الحديث الذي رواه
أبو داود والترمذي وغيرهما من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15294المفضل بن فضالة عن
الليث بن سعد عن
هاشم بن سعد عن
أبي الزبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11871أبي الطفيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48490أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين الظهر والعصر وإن ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى ينزل للعصر وفي المغرب مثل ذلك : إن غابت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين المغرب والعشاء وإن ارتحل قبل أن تغيب الشمس أخر المغرب حتى ينزل للعشاء ثم نزل فجمع بينهما } . قال
الترمذي حديث
معاذ حديث حسن غريب .
قلت : وقد رواه
قتيبة عن
الليث عن
يزيد بن أبي حبيب [ ص: 66 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=11871أبي الطفيل ; لكن أنكروه على
قتيبة قال
البيهقي تفرد به
قتيبة عن
الليث وذكر عن
البخاري قال : قلت :
لقتيبة مع من كتبت عن
الليث بن سعد حديث
يزيد بن أبي حبيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=11871أبي الطفيل ؟ فقال : كتبته مع
خالد المدائني . قال
البخاري : وكان
خالد هذا يدخل الأحاديث على الشيوخ . قال
البيهقي : وإنما أنكروا من هذا رواية
يزيد بن أبي حبيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=11871أبي الطفيل . فأما رواية
أبي الزبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11871أبي الطفيل : فهي محفوظة صحيحة .
قلت : وهذا الجمع الذي فسره
هشام بن سعد عن
أبي الزبير والذي ذكره
مالك يدخل في الجمع الذي أطلقه
الثوري وغيره فمن روى عن
أبي الزبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11871أبي الطفيل عن
معاذ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=599457أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء عام تبوك } . وهذا الجمع الأول : ليس في المشهور من حديث
أنس لأن
المسافر إذا ارتحل بعد زيغ الشمس . ولم ينزل وقت العصر فهذا مما لا يحتاج إلى الجمع بل يصلي العصر في وقتها وقد يتصل سيره إلى الغروب : فهذا يحتاج إلى الجمع بمنزلة جمع
عرفة لما كان الوقوف متصلا إلى الغروب صلى العصر مع الظهر ; إذ كان الجمع بحسب الحاجة .
وبهذا تتفق أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم . وإلا فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يفرق بين متماثلين ولم ينقل أحد عنه : أنه جمع
بمنى [ ص: 67 ] ولا
بمكة عام الفتح ولا في حجة الوداع ; مع أنه أقام بها بضعة عشر يوما يقصر الصلاة ولم يقل أحد : أنه جمع في حجته إلا
بعرفة ومزدلفة فعلم أنه لم يكن جمعه لقصره . وقد روي
الجمع في وقت الأولى في المصر من حديث
ابن عباس أيضا موافقة لحديث
معاذ : ذكره
أبو داود فقال : وروى
هشام بن عروة عن
حسين بن عبد الله عن
كريب عن
ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث
الفضل .
قلت : هذا الحديث معروف عن
حسين وحسين هذا ممن يعتبر بحديثه ويستشهد به ولا يعتمد عليه وحده : فقد تكلم فيه
nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني والنسائي . ورواه
البيهقي من حديث
عثمان بن عمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
حسين عن
عكرمة عن
ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=599458أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا زالت الشمس وهو في منزله جمع بين الظهر والعصر وإذا لم تزل حتى يرتحل سار حتى إذا دخل وقت العصر نزل فجمع الظهر والعصر وإذا غابت الشمس وهو في منزله جمع بين المغرب والعشاء وإذا لم تغب حتى يرتحل سار حتى [ إذا ] أتت العتمة نزل فجمع بين المغرب والعشاء } قال
البيهقي ورواه
حجاج بن محمد عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أخبرني
حسين عن
كريب وكان
حسين سمعه منهما جميعا واستشهد على ذلك برواية
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج وهي معروفة وقد رواها
الدارقطني وغيره
[ ص: 68 ] وهي من كتب
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : حدثني
حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن
عكرمة وعن
كريب عن
ابن عباس : أن
ابن عباس قال : ألا أخبركم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر ؟ قلنا بلى . قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=599459كان إذا زاغت له الشمس في منزله جمع بين الظهر والعصر قبل أن يركب وإذا لم تزغ له في منزله سار حتى إذا حانت العصر نزل فجمع بين الظهر والعصر وإذا حانت له المغرب في منزله جمع بينها وبين العشاء وإذا لم تحن في منزله ركب حتى إذا كانت العشاء نزل فجمع بينهما } . قال
الدارقطني ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=16479عبد المجيد بن عبد العزيز عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
هشام بن عروة عن
حسين عن
كريب . فاحتمل أن يكون
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج سمعه أولا من
هشام بن عروة عن
حسين كقول
nindex.php?page=showalam&ids=16479عبد المجيد عنه ثم لقي
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج حسينا فسمعه منه كقول
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق وحجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج . قال
البيهقي : وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17000محمد بن عجلان ويزيد بن الهادي وأبي رويس المدني عن
حسين بن عبد الله عن
عكرمة عن
ابن عباس . وهو بما تقدم من شواهده يقوى ; وذكر ما ذكره
البخاري تعليقا : حديث
إبراهيم بن طهمان . عن
الحسين عن
يحيى بن أبي كثير عن
عكرمة عن
ابن عباس : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=599460أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر في السفر إذا كان على ظهر مسيره وجمع بين المغرب والعشاء } . أخرجه
البخاري في صحيحه فقال : وقال
[ ص: 69 ] إبراهيم بن طهمان فذكره .
قلت قوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=599461على ظهر مسيره } قد يراد به على ظهر سيره في وقت الأولى وهذا مما لا ريب [ فيه ] ويدخل فيه ما إذا كان على ظهر سيره في وقت الثانية كما جاء صريحا عن
ابن عباس . قال
البيهقي : وقد روى
أيوب عن
أبي قلابة عن
ابن عباس لا نعلمه إلا مرفوعا بمعنى رواية
الحسين وذكر ما رواه
إسماعيل بن إسحاق ثنا
سليمان بن حرب ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد عن
أيوب عن
أبي قلابة عن
ابن عباس ولا أعلمه إلا مرفوعا وإلا فهو عن
ابن عباس " أنه كان إذا نزل منزلا في السفر فأعجبه المنزل أقام فيه حتى يجمع بين الظهر والعصر " قال
إسماعيل حدثنا
عارم حدثنا
حماد فذكره . قال
عارم هكذا حدث به
حماد قال : " كان إذا سافر فنزل منزلا فأعجبه المنزل أقام فيه حتى يجمع بين الظهر والعصر " ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
أيوب من قول
ابن عباس قال
إسماعيل ثنا
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
أيوب عن
أبي قلابة عن
ابن عباس قال : إذا كنتم سائرين فنبا بكم المنزل فسيروا حتى تصيبوا تجمعون بينهما وإن كنتم نزولا فعجل بكم أمر فاجمعوا بينهما ثم ارتحلوا .
قلت : فحديث
ابن عباس في الجمع
بالمدينة صحيح من مشاهير الصحاح كما سيأتي إن شاء الله .
[ ص: 70 ] وأما حديث
جابر ففي سنن
أبي داود وغيره من حديث
عبد العزيز بن محمد عن
أبي الزبير عن
جابر : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=599462أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غابت له الشمس بمكة فجمع بينهما بسرف } . قال
البيهقي ورواه من حديث
الحماني عن
عبد العزيز ورواه
الأجلح عن
أبي الزبير كذلك قال
أبو داود : حدثنا
محمد بن هشام جار
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل حدثنا
جعفر بن عون . عن
هشام بن سعد قال بينهما عشرة أميال يعني بين
مكة وسرف .
قلت : عشرة أميال ثلاثة فراسخ وثلث والبريد أربعة فراسخ وهذه المسافة لا تقطع في السير الحثيث حتى يغيب الشفق فإن الناس يسيرون من
عرفة عقب المغرب ولا يصلون إلى جمع إلا وقد غاب الشفق ومن
عرفة إلى
مكة بريد فجمع دون هذه المسافة وهم لا يصلون إليها إلا بعد غروب الشفق فكيف
بسرف وهذا يوافق حديث
ابن عمر وأنس وابن عباس : أنه إذا كان سائرا أخر المغرب إلى أن يغرب الشفق ثم يصليهما جميعا .
قال
البيهقي :
والجمع بين الصلاتين بعذر السفر من الأمور المشهورة المستعملة فيما بين
الصحابة والتابعين مع الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عن أصحابه ثم ما أجمع عليه المسلمون من جمع الناس
بعرفة ثم
بالمزدلفة : وذكر ما رواه
البخاري من حديث
سعيد [ ص: 71 ] عن
الزهري : أخبرني
سالم عن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=599463 nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أعجله السير في السفر يؤخر صلاة المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء } .
قال
سالم : وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر يفعل ذلك إذا أعجله السير في السفر يقيم صلاة المغرب فيصليها ثلاثا ثم يسلم ثم قلما يلبث حتى يقيم صلاة العشاء ويصليها ركعتين ثم يسلم ولا يسبح بينهما بركعة ولا يسبح بعد العشاء بسجدة حتى يقوم من جوف الليل .
وروى
مالك عن
يحيى بن سعيد : أنه قال
لسالم بن عبد الله بن عمر : ما أشد ما رأيت أباك
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر أخر المغرب في السفر ؟ قال : غربت له الشمس بذات الجيش فصلاها
بالعقيق . قال
البيهقي : رواه
الثوري عن
يحيى بن سعيد وزاد فيه : ثمانية أميال ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
يحيى بن سعيد وزاد فيه قال قلت : أي ساعة تلك ؟ قال : قد ذهب ثلث الليل أو ربعه . قال ورواه
يزيد بن هارون عن
يحيى بن سعيد عن
نافع قال : فسار أميالا ثم نزل فصلى . قال
يحيى : وذكر لي
نافع هذا الحديث مرة أخرى فقال : سار قريبا من ربع الليل ثم نزل فصلى .
وروى من مصنف
سعيد بن أبي عروبة عن
قتادة عن
جابر بن [ ص: 72 ] زيد عن
ابن عباس : أنه كان يجمع بين الصلاتين في السفر ويقول : هي سنة . ومن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16627علي بن عاصم : أخبرني
الجريري وسلمان التيمي عن
أبي عثمان النهدي قال : كان
سعيد بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=111وأسامة بن زيد إذا عجل بهما السير جمعا بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء .
وروينا في ذلك عن
سعد بن أبي وقاص وأنس بن مالك وروي عن
عمر وعثمان . وذكر ما ذكره
مالك في الموطأ عن
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب أنه قال : سألت
سالم بن عبد الله هل يجمع بين الظهر والعصر في السفر ؟ فقال : نعم لا بأس بذلك ألا ترى إلى صلاة الناس
بعرفة ؟ وذكر في كتاب
يعقوب بن سفيان ثنا
عبد الملك بن أبي سلمة ثنا
الدراوردي عن
زيد بن أسلم وربيعة بن أبي عبد الرحمن ومحمد بن المنكدر nindex.php?page=showalam&ids=11863وأبي الزناد في أمثال لهم خرجوا إلى
الوليد وكان أرسل إليهم يستفتيهم في شيء فكانوا يجمعون بين الظهر والعصر إذا زالت الشمس .
قلت : فهذا استدلال من
السلف بجمع
عرفة على نظيره وأن الحكم ليس مختصا وهو جمع تقديم للحاجة في السفر .