فأجاب : نعم يجوز أن يصلي فيها جمعة لأنها مدينة أخرى . كمصر والقاهرة ولو لم تكن كمدينة أخرى فإقامة الجمعة في المدينة الكبيرة في موضعين للحاجة يجوز عند أكثر العلماء ; ولهذا لما بنيت بغداد ولها جانبان أقاموا فيها جمعة في الجانب الشرقي وجمعة في الجانب الغربي . وجوز ذلك أكثر العلماء وشبهوا ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم في مدينته إلا في موضع يخرج بالمسلمين فيصلي العيد بالصحراء وكذلك كان الأمر في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان . فلما تولى nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب وصار بالكوفة وكان الخلق بها كثيرا قالوا : يا أمير المؤمنين إن بالمدينة شيوخا وضعفاء يشق عليهم الخروج إلى الصحراء فاستخلف [ ص: 209 ] nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رجلا يصلي بالناس العيد في المسجد وهو يصلي بالناس خارج الصحراء ولم يكن هذا يفعل قبل ذلك وعلي من الخلفاء الراشدين . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=46865عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي } . فمن تمسك بسنة الخلفاء الراشدين فقد أطاع الله ورسوله والحاجة في هذه البلاد وفي هذه الأوقات تدعو إلى أكثر من جمعة إذ ليس للناس جامع واحد يسعهم ولا يمكنهم جمعة واحدة إلا بمشقة عظيمة .
وهنا وجه ثالث : وهو أن يجعل القلعة كأنها قرية خارج المدينة . والذي عليه الجمهور كمالك والشافعي وأحمد أن الجمعة تقام في القرى ; لأن في الصحيح عن ابن عباس أنه قال : " أول جمعة جمعت في الإسلام بعد جمعة المدينة جمعة " بجواثى " قرية من قرى البحرين " وكان ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه وفد عبد القيس . وكذلك كتب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب إلى المسلمين يأمرهم بالجمعة حيث كانوا . وكان nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر يمر بالمياه التي بين مكة والمدينة وهم يقيمون الجمعة فلا ينكر عليهم .