وقوله في غير موضع من السماء : أي من العلو والسماء اسم جنس للعالي قد يختص بما فوق العرش تارة وبالأفلاك تارة وبسقف البيت تارة لما يقترن باللفظ والمادة التي يخلق منها المطر هي الهواء الذي في الجو تارة وبالبخار المتصاعد من الأرض تارة وهذا ما ذكره علماء المسلمين والفلاسفة يوافقون عليه .
وقد روي عن بعض السلف أقوال لا تخالف ذلك . كقول من يقول : إنه اصطكاك أجرام السحاب بسبب انضغاط الهواء فيه فإن هذا لا يناقض ذلك فإن الرعد مصدر رعد يرعد رعدا . وكذلك الراعد يسمى رعدا . كما يسمى العادل عدلا . والحركة توجب الصوت والملائكة هي التي تحرك السحاب وتنقله من مكان إلى مكان وكل حركة في العالم العلوي والسفلي فهي عن الملائكة وصوت الإنسان هو عن اصطكاك أجرامه الذي هو شفتاه ولسانه وأسنانه [ ص: 264 ] ولهاته وحلقه . وهو مع ذلك يكون مسبحا للرب . وآمرا بمعروف وناهيا عن منكر .
فالرعد إذا صوت يزجر السحاب وكذلك البرق قد قيل : لمعان الماء أو لمعان النار وكونه لمعان النار أو الماء لا ينافي أن يكون اللامع مخراقا بيد الملك فإن النار التي تلمع بيد الملك كالمخراق مثل مزجي المطر . والملك يزجي السحاب كما يزجي السائق للمطي .
وأما أسبابه : فمن أسبابه انضغاط البخار في جوف الأرض كما ينضغط الريح والماء في المكان الضيق فإذا انضغط طلب مخرجا فيشق ويزلزل ما قرب منه من الأرض .
وأما قول بعض الناس : إن الثور يحرك رأسه فيحرك الأرض فهذا جهل وإن نقل عن بعض الناس وبطلانه ظاهر فإنه لو كان كذلك لكانت الأرض كلها تزلزل وليس الأمر كذلك والله أعلم .