وسئل رحمه الله عن الصلاة على الميت الذي كان لا يصلي هل لأحد فيها أجر ؟ أم لا ؟ وهل عليه إثم إذا تركها مع علمه أنه كان لا يصلي ؟ وكذلك الذي يشرب الخمر وما كان يصلي هل يجوز لمن كان يعلم حاله أن يصلي عليه أم لا ؟ .
وأما من كان مظهرا للفسق مع ما فيه من الإيمان كأهل الكبائر فهؤلاء لا بد أن يصلي عليهم بعض المسلمين . ومن امتنع من الصلاة على أحدهم زجرا لأمثاله عن مثل ما فعله كما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على قاتل نفسه وعلى الغال وعلى المدين الذي لا وفاء له وكما كان كثير من السلف يمتنعون من الصلاة على أهل البدع - كان عمله بهذه السنة حسنا . وقد قال لجندب بن عبد الله البجلي ابنه : إني لم أنم البارحة بشما فقال : أما إنك لو مت لم أصل عليك . كأنه يقول : قتلت نفسك بكثرة الأكل . وهذا من جنس هجر المظهرين للكبائر حتى يتوبوا فإذا كان في ذلك مثل هذه المصلحة الراجحة كان ذلك حسنا ومن صلى على أحدهم يرجو له رحمة الله ولم يكن في امتناعه مصلحة راجحة كان ذلك حسنا ولو امتنع في الظاهر ودعا له في الباطن ليجمع بين المصلحتين كان تحصيل المصلحتين أولى من تفويت إحداهما .
وكل من لم يعلم منه النفاق وهو مسلم يجوز الاستغفار له والصلاة عليه بل يشرع ذلك ويؤمر به . كما قال تعالى : { واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات } وكل من أظهر الكبائر فإنه تسوغ عقوبته بالهجر [ ص: 287 ] وغيره حتى ممن في هجره مصلحة له راجحة فتحصل المصالح الشرعية في ذلك بحسب الإمكان والله أعلم .