فأجاب : الحمد لله رب العالمين . ليس في الآية ولا في الحديث أن الميت لا ينتفع بدعاء الخلق له وبما يعمل عنه من البر بل أئمة الإسلام متفقون على انتفاع الميت بذلك وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام وقد دل عليه الكتاب والسنة والإجماع فمن خالف ذلك كان من أهل البدع .
وقد ذكر مسلم في أول كتابه عن أبي إسحاق الطالقاني قال : [ ص: 309 ] قلت لعبد الله بن المبارك : يا أبا عبد الرحمن الحديث الذي جاء { nindex.php?page=hadith&LINKID=69450إن البر بعد البر أن تصلي لأبويك مع صلاتك وتصوم لهما مع صيامك ؟ } قال عبد الله : يا أبا إسحاق عمن هذا ؟ قلت له : هذا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16122شهاب بن خراش قال : ثقة قلت : عمن ؟ قال عن الحجاج بن دينار . فقال : ثقة عمن ؟ قلت : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا أبا إسحاق إن بين الحجاج وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم مفاوز تقطع فيها أعناق المطي ولكن ليس في الصدقة اختلاف ، والأمر كما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك فإن هذا الحديث مرسل .
والأئمة تنازعوا في ذلك ولم يخالف هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة من بلغته وإنما خالفها من لم تبلغه وقد تقدم حديث عمرو بأنهم إذا صاموا عن المسلم نفعه . وأما الحج فيجزي عند عامتهم ليس فيه إلا اختلاف شاذ .
ففي هذه الأحاديث الصحيحة : " أنه أمر بحج الفرض عن الميت وبحج النذر " . كما أمر بالصيام . وأن المأمور تارة يكون ولدا وتارة يكون أخا وشبه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بالدين يكون على الميت ، والدين يصح قضاؤه من كل أحد فدل على أنه يجوز أن يفعل ذلك من كل أحد لا يختص ذلك بالولد . كما جاء مصرحا به في الأخ .
وأما الآية فللناس عنها أجوبة متعددة . كما قيل : إنها تختص بشرع من قبلنا وقيل : إنها مخصوصة وقيل : إنها منسوخة وقيل : إنها تنال السعي مباشرة وسببا ، والإيمان من سعيه الذي تسبب فيه ، ولا يحتاج إلى شيء من ذلك بل ظاهر الآية حق لا يخالف بقية النصوص ، فإنه قال : { ليس للإنسان إلا ما سعى } وهذا حق فإنه إنما يستحق سعيه فهو الذي يملكه ويستحقه . كما أنه إنما يملك من المكاسب ما اكتسبه هو . وأما سعي غيره فهو حق وملك لذلك الغير لا له لكن هذا لا يمنع أن ينتفع بسعي غيره كما ينتفع الرجل بكسب غيره .