[ ص: 119 ] وقال شيخ الإسلام رحمه الله فصل وأما الأصل الثالث :
فالصيام وقد اختلفوا في تبييت نيته على ثلاثة أقوال : فقالت طائفة - منهم
أبو حنيفة - إنه يجزئ كل صوم فرضا كان أو نفلا بنية قبل الزوال كما دل عليه حديث عاشوراء وحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=599683النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل على عائشة فلم يجد طعاما فقال : إني إذا صائم } .
وبإزائها طائفة أخرى - منهم
مالك - قالت : لا يجزئ الصوم إلا مبيتا من الليل فرضا كان أو نفلا على ظاهر حديث
حفصة [ ص: 120 ] وابن عمر : الذي يروى مرفوعا وموقوفا : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30897لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل } .
وأما القول الثالث : فالفرض لا يجزئ إلا بتبييت النية كما دل عليه حديث
حفصة وابن عمر ; لأن جميع الزمان يجب فيه الصوم والنية لا تنعطف على الماضي . وأما النفل فيجزئ بنية من النهار . كما دل عليه قوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12768إني إذا صائم } كما أن الصلاة المكتوبة يجب فيها من الأركان - كالقيام والاستقرار على الأرض - ما لا يجب في التطوع توسيعا من الله على عباده في طرق التطوع . فإن أنواع التطوعات دائما أوسع من أنواع المفروضات وصومهم يوم عاشوراء إن كان واجبا : فإنما وجب عليهم من النهار لأنهم لم يعلموا قبل ذلك . وما رواه بعض الخلافيين المتأخرين أن ذلك كان في رمضان : فباطل لا أصل له .
وهذا أوسط الأقوال : وهو قول
الشافعي وأحمد . واختلف قولهما :
هل يجزئ التطوع بنية بعد الزوال ؟ والأظهر صحته كما نقل عن
الصحابة .
واختلف أصحابهما في الثواب : هل هو ثواب يوم كامل ؟ أو من حين
[ ص: 121 ] نواه ؟ والمنصوص عن
أحمد : أن الثواب من حين النية .
وكذلك اختلفوا في
التعيين . وفيه ثلاثة أقوال - في مذهب
أحمد وغيره : أحدها : أنه لا بد من نية رمضان . فلا تجزئ نية مطلقة ولا معينة لغير رمضان . وهذا قول
الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين اختارها كثير من أصحابه .
والثاني : أنه يجزئ بنية مطلقة ومعينة لغيره . كمذهب
أبي حنيفة ورواية محكية عن
أحمد .
والثالث : أنه يجزئ بالنية المطلقة دون نية التطوع أو القضاء أو النذر . وهو رواية عن
أحمد اختارها طائفة من أصحابه .