[ ص: 140 ] وسئل شيخ الإسلام رحمه الله تعالى هل يجوز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم أم لا ؟ .
فأجاب : الحمد لله . أما التوسل بالإيمان به ومحبته وطاعته والصلاة والسلام عليه وبدعائه وشفاعته ونحو ذلك مما هو من أفعاله وأفعال العباد المأمور بها في حقه . فهو مشروع باتفاق المسلمين وكان الصحابة رضي الله عنهم يتوسلون به في حياته وتوسلوا بعد موته بالعباس عمه كما كانوا يتوسلون به . وأما قول القائل : اللهم إني أتوسل إليك به . فللعلماء فيه قولان : كما لهم في الحلف به قولان : وجمهور الأئمة كمالك ; والشافعي ; وأبي حنيفة : على أنه لا يسوغ الحلف بغيره من الأنبياء والملائكة ولا تنعقد اليمين بذلك باتفاق العلماء وهذا إحدى الروايتين عن أحمد ، والرواية الأخرى تنعقد اليمين به خاصة دون غيره ; ولذلك قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروذي صاحبه : إنه يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه ; ولكن غير أحمد قال : إن هذا إقسام على الله به ولا يقسم على الله بمخلوق وأحمد في إحدى الروايتين قد جوز القسم به فلذلك جوز التوسل به .
ولكن الرواية الأخرى عنه : هي قول جمهور العلماء أنه لا يقسم به ; [ ص: 141 ] فلا يقسم على الله به كسائر الملائكة والأنبياء فإنا لا نعلم أحدا من السلف والأئمة قال إنه يقسم به على الله ; كما لم يقولوا إنه يقسم بهم مطلقا ; ولهذا أفتى أبو محمد ابن عبد السلام : أنه لا يقسم على الله بأحد من الملائكة والأنبياء وغيرهم ; لكن ذكر له أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في الإقسام به فقال : إن صح الحديث كان خاصا به والحديث المذكور لا يدل على الإقسام به وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=595131من كان حالفا فليحلف بالله وإلا فليصمت } وقال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=36247من حلف بغير الله فقد أشرك } والدعاء عبادة والعبادة مبناها على التوقيف والاتباع لا على الهوى والابتداع والله أعلم .