الحادي والثلاثون : أن قولهم : يحبس إذا لم يمتنع من ذلك ويشهر أمره ; ليتحفظ الناس من الاقتداء به . وإنما يستحق ذلك من أظهر البدعة في دين المسلمين واستحبها ودعا إليها الناس وحكم بعقوبة من أمر بالسنة ودعا إليها
والسفر إلى زيارة القبور هي البدعة التي لم يستحبها أحد من أئمة المسلمين . وكذلك
جعل زيارة القبور جنسا واحدا لا يفرق بين الزيارة الشرعية والزيارة البدعية خطأ باتفاق المسلمين . وكذلك
التسوية بين " الزيارة النبوية الشرعية " التي يسافر فيها المسلمون إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين السفر إلى زيارة قبر غيره : كل ذلك مخالف لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولإجماع أمته . فمن أمر بذلك كان أحق بالمنع ويشهر خطؤه ; ليتحفظ الناس من الاقتداء به : أولى ممن أفتى بالسنة والإجماع ; مع أن الله سبحانه هو الفاعل لذلك فهو الذي يظهر خطأ هؤلاء في مشارق الأرض ومغاربها في هذا الزمان وما بعده من الأزمنة كما فعله في سائر من ابتدع في الدين وخالف شريعة سيد المرسلين . فإن المفتي ذكر في الجواب ما اتفق المسلمون على استحبابه
[ ص: 306 ] وما اتفقوا على النهي عنه . وما تنازعوا فيه ولم ينه عن الزيارة مطلقا ; لا لفظا ولا معنى . والإجماع الذي ذكروه هو موافق لما ذكره لا مخالف له . فالزيارة التي أجمع المسلمون عليها هو من أعظم القائلين باستحبابها لا يجعل المستحب مسمى الزيارة ويسوى بين دين الرحمن ودين الشيطان كما فعل هؤلاء وأنكروا على من فرق بين دين الرحمن ودين الشيطان .