فأجاب : أما هذه المشاهد المشهورة فمنها ما هو كذب قطعا : مثل المشهد الذي بظاهر دمشق المضاف إلى nindex.php?page=showalam&ids=34 " أبي بن كعب " . والمشهد الذي بظاهرها المضاف إلى nindex.php?page=showalam&ids=12338 " أويس القرني " والمشهد الذي بمصر المضاف إلى nindex.php?page=showalam&ids=17 " الحسين " رضي الله عنه ; إلى غير ذلك من المشاهد التي يطول ذكرها بالشام والعراق ومصر وسائر الأمصار حتى قال طائفة من العلماء منهم عبد العزيز الكناني : كل هذه القبور المضافة إلى الأنبياء لا يصح شيء منها إلا قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثبت غيره أيضا قبر الخليل عليه السلام .
وأما " مشهد علي " فعامة العلماء على أنه ليس قبره ; بل قد قيل : إنه قبر المغيرة بن شعبة وذلك أنه إنما أظهر بعد نحو ثلاثمائة سنة من موت علي في إمارة بني بويه وذكروا أن أصل ذلك حكاية [ ص: 447 ] بلغتهم عن الرشيد أنه أتى إلى ذلك المكان وجعل يعتذر إلى من فيه مما جرى بينه وبين ذرية علي وبمثل هذه الحكاية لا يقوم شيء . فالرشيد أيضا لا علم له بذلك . ولعل هذه الحكاية إن صحت عنه فقد قيل له ذلك كما قيل لغيره وجمهور أهل المعرفة يقولون : إن عليا إنما دفن في قصر الإمارة بالكوفة أو قريبا منه . وهكذا هو السنة ; فإن حمل ميت من الكوفة إلى مكان بعيد ليس فيه فضيلة أمر غير مشروع ; فلا يظن بآل علي - رضي الله عنه - أنهم فعلوا به ذلك ولا يظنه أيضا أن ذلك خفي على أهل بيته وللمسلمين ثلاثمائة سنة حتى أظهره قوم من الأعاجم الجهال ذوي الأهواء .
وقد اتفق أئمة الإسلام على أنه لا يشرع بناء هذه المشاهد على القبور ولا يشرع اتخاذها مساجد ولا يشرع الصلاة عندها ولا يشرع قصدها لأجل التعبد عندها بصلاة أو اعتكاف أو استغاثة أو ابتهال أو نحو ذلك كرهوا الصلاة عندها ; ثم إن كثيرا منهم قال : إن الصلاة عندها باطلة لأجل نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها .
[ ص: 450 ] وأما اتخاذ القبور أوثانا فهو دين المشركين الذي نهى عنه سيد المرسلين . والله تعالى يصلح حال جميع المسلمين . والحمد لله رب العالمين . وصلى الله على محمد .