[ ص: 382 ] فصل وإذا
كانت الفرية ونحوها لا قصاص فيها ; ففيها العقوبة بغير ذلك . فمنه
حد القذف الثابت في الكتاب والسنة والإجماع قال الله تعالى : {
والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون } {
إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم } .
فإذا
رمى الحر محصنا بالزنا واللواط فعليه حد القذف وهو
ثمانون جلدة وإن رماه بغير ذلك عوقب تعزيرا .
وهذا الحد يستحقه المقذوف فلا يستوفي إلا بطلبه باتفاق الفقهاء . فإن
عفا عنه سقط عند جمهور العلماء لأن المغلب فيه حق الآدمي كالقصاص والأموال . وقيل : لا يسقط تغليبا لحق الله لعدم المماثلة كسائر الحدود . وإنما يجب حد القذف إذا كان المقذوف محصنا وهو المسلم الحر العفيف .
فأما
المشهور بالفجور فلا يحد قاذفه وكذلك الكافر والرقيق ;
[ ص: 383 ] لكن يعزر القاذف ; إلا
الزوج فإنه يجوز له أن يقذف امرأته إذا زنت ولم تحبل من الزنا . فإن
حبلت منه وولدت فعليه أن يقذفها وينفي ولدها ; لئلا يلحق به من ليس منه . وإذا قذفها فإما أن تقر بالزنا وإما أن تلاعنه كما ذكره الله في الكتاب والسنة . ولو
كان القاذف عبدا فعليه نصف حد الحر وكذلك في جلد الزنا وشرب الخمر ; لأن الله تعالى قال في الإماء : {
فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } . وأما إذا كان الواجب القتل أو قطع اليد فإنه لا يتنصف .