فصل تمام هذا الفتح وبركته تقدم مراسم السلطان بحسم مادة أهل الفساد وإقامة الشريعة في البلاد ; فإن هؤلاء القوم لهم من المشايخ والإخوان في قرى كثيرة من يقتدون بهم وينتصرون لهم . وفي قلوبهم غل عظيم وإبطان معاداة شديدة لا يؤمنون معها على ما يمكنهم . ولو أنه مباطنة العدو . فإذا أمسك رءوسهم الذين يضلونهم - مثل بني العود - زال بذلك من الشر ما لا يعلمه إلا الله .
ويتقدم إلى قراهم . وهي قرى متعددة بأعمال
دمشق وصفد ;
وطرابلس ;
وحماة وحمص وحلب : بأن يقام فيهم شرائع الإسلام . والجمعة والجماعة وقراءة القرآن ويكون لهم خطباء ومؤذنون
[ ص: 408 ] كسائر قرى المسلمين وتقرأ فيهم الأحاديث النبوية وتنشر فيهم المعالم الإسلامية ويعاقب من عرف منهم بالبدعة والنفاق بما توجبه شريعة الإسلام .
فإن هؤلاء المحاربين وأمثالهم قالوا : نحن قوم جهال . وهؤلاء كانوا يعلموننا ويقولون لنا : أنتم إذا قاتلتم هؤلاء تكونون مجاهدين ومن قتل منكم فهو شهيد .
وفي هؤلاء خلق كثير
لا يقرون بصلاة ولا صيام ولا حج ولا عمرة ولا يحرمون الميتة والدم ولحم الخنزير ولا يؤمنون بالجنة والنار . من جنس
الإسماعيلية والنصيرية والحاكمية والباطنية وهم كفار أكفر من
اليهود والنصارى بإجماع المسلمين .
فتقدم المراسيم السلطانية
بإقامة شعائر الإسلام : من الجمعة والجماعة وقراءة القرآن وتبليغ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في قرى هؤلاء من أعظم المصالح الإسلامية . وأبلغ الجهاد في سبيل الله . وذلك سبب لانقماع من يباطن العدو من هؤلاء ودخولهم في طاعة الله ورسوله وطاعة أولي الأمر من المسلمين . وهو من الأسباب التي يعين الله بها على قمع الأعداء . فإن ما فعلوه بالمسلمين في أرض
" سيس " نوع من غدرهم الذي به ينصر الله المسلمين عليهم . وفي ذلك لله حكمة
[ ص: 409 ] عظيمة ونصرة للإسلام جسيمة .
قال
ابن عباس : ما نقض قوم العهد إلا أديل عليهم العدو .
ولولا هذا وأمثاله ما حصل للمسلمين من العزم بقوة الإيمان وللعدو من الخذلان ما ينصر الله به المؤمنين ويذل به الكفار والمنافقين .
والله هو المسئول أن يتم نعمته على سلطان الإسلام خاصة وعلى عباده المؤمنين عامة . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . والحمد لله وحده . وصلى الله على سيدنا
محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .