[ ص: 556 ] وسئل الشيخ عن قوم ذوي شوكة مقيمين بأرض وهم لا يصلون الصلوات المكتوبات وليس عندهم مسجد ولا أذان ولا إقامة وإن صلى أحدهم صلى الصلاة غير المشروعة . ولا يؤدون الزكاة مع كثرة أموالهم من المواشي والزروع . وهم يقتتلون فيقتل بعضهم بعضا وينهبون مال بعضهم بعضا ويقتلون الأطفال وقد لا يمتنعون عن سفك الدماء وأخذ الأموال لا في شهر رمضان ولا في الأشهر الحرم ولا غيرها وإذا أسر بعضهم بعضا باعوا أسراهم للإفرنج . ويبيعون رقيقهم من الذكور والإناث للإفرنج علانية ويسوقونهم كسوق الدواب . ويتزوجون المرأة في عدتها . ولا يورثون النساء . ولا ينقادون لحاكم المسلمين . وإذا دعي أحدهم إلى الشرع قال : إنا الشرع . إلى غير ذلك . فهل يجوز قتالهم والحالة هذه ؟ وكيف الطريق إلى دخولهم في الإسلام مع ما ذكر ؟
والربا آخر ما حرمه الله ورسوله فكيف بما هو أعظم تحريما .
ويدعون قبل القتال إلى التزام شرائع الإسلام فإن التزموها استوثق منهم ولم يكتف منهم بمجرد الكلام . كما فعل أبو بكر بمن قاتلهم بعد إن أذلهم وقال : اختاروا ; إما الحرب المجلية وإما السلم المخزية وقال : أنا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقالوا : هذه الحرب المجلية قد عرفناها فما السلم [ ص: 558 ] المخزية ؟ قال : تشهدون أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار وننزع منكم الكراع - يعني الخيل والسلاح - حتى يرى خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون أمرا بعد .
فهكذا الواجب في مثل هؤلاء إذا أظهروا الطاعة يرسل إليهم من يعلمهم شرائع الإسلام ويقيم بهم الصلوات وما ينتفعون به من شرائع الإسلام . وإما أن يستخدم بعض المطيعين منهم في جند المسلمين ويجعلهم في جماعة المسلمين . وإما بأن ينزع منهم السلاح الذي يقاتلون به ويمنعون من ركوب الخيل . وإما أنهم يضعوه حتى يستقيموا ; وإما أن يقتل الممتنع منهم من التزام الشريعة . وإن لم يستجيبوا لله ولرسوله وجب قتالهم حتى يلتزموا شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة وهذا متفق عليه بين علماء المسلمين . والله أعلم .