وسئل عن رجلين لهما إقطاع في بلد فاختصما في بيع النبات الذي يطلع من عند الله ، فزعم أحدهما : أنه مثل النبات البري لا يجوز بيعه ; لأنه ما هو ملكه . فقال له الآخر : بل يجوز ; لأن السلطان أقطعه لي فهو ملكي ويجوز لي أن أبيع كل ما في حصتي وفي قرعتي . هل [ ص: 218 ] هما مصيبان ؟ أم مخطئان ؟ وما مذاهب الأئمة في ذلك ؟
ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد ما ينبت في الأرض المباحة فقط ; لأن الناس يشتركون في كل ما ينبت في الأرض المباحة من جميع الأنواع : من المعادن الجارية ; كالقير والنفط . والجامدة : كالذهب والفضة والملح وغير ذلك فعلم أنه أراد ما ينبت في أرض الإنسان .
والمشهور من مذهب الشافعي جواز بيع ذلك وهو المشهور من مذهب مالك في الأرض التي جرت عادة صاحبها بالانتفاع بها فأما الأرض البور التي لا يحرثها فلأصحابه فيها نزاع جوز ذلك ابن القاسم ومنعه غيره .
وقال في جواب له أيضا وأما قوله : { nindex.php?page=hadith&LINKID=600602الناس شركاء في ثلاث : الماء والكلأ والنار } . فهو حديث معروف رواه أهل السنن وقد اتفق المسلمون على أن الكلأ النابت في الأرض المباحة مشترك بين الناس فمن سبق إليه فهو أحق به وأما النابت في الأرض المملوكة فإنه إن كان صاحب الأرض محتاجا إليه فهو أحق به وإن كان مستغنيا عنه ففيه قولان مشهوران لأهل العلم . وأكثرهم يجوزون أخذه بغير عوض ; لهذا الحديث ويجوزون رعيه بغير عوض .