وكذلك المشهور من مذهب الشافعي أنه لا بد في العقود من الصيغ فلا يصح بيع المعاطاة لكن الجمهور يخالفون هذا . فمذهب مالك أن كل ما عده الناس بيعا فهو بيع فيجوز بيع المعاطاة في القليل [ ص: 227 ] والكثير وكذلك ظاهر مذهب أحمد . ومذهب أبي حنيفة تجويز ذلك في المحقرات وهو قول آخر في مذهب أحمد وقول طائفة من أصحاب الشافعي .
وأيضا إن العقود يرجع فيها إلى عرف الناس . فما عده الناس بيعا أو إجارة أو هبة : كان بيعا وإجارة وهبة ; فإن هذه الأسماء ليس لها حد في اللغة والشرع . وكل اسم ليس له حد في اللغة والشرع فإنه يرجع في حده إلى العرف .
وأما بيع المغيبات في الأرض كالجزر واللفت والقلقاس : فمذهب مالك أنه يجوز ; وهو قول في مذهب أحمد . ومذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد في المعروف عنه أنه لا يجوز والأول أصح وهو أنه يجوز بيعها فإن أهل الخبرة إذا رأوا ما ظهر منها من الورق وغيره دلهم ذلك على سائرها .
وأيضا فإن الناس محتاجون إلى هذه البيوع والشارع لا يحرم ما يحتاج الناس إليه من البيع لأجل نوع من الغرر ; بل يبيح ما يحتاج إليه في ذلك كما أباح بيع الثمار قبل بدو صلاحها مبقاة إلى الجذاذ وإن كان بعض المبيع لم يخلق وكما أباح أن يشترط المشتري ثمرة النخل المؤبر وذلك اشتراء قبل بدو صلاحها ; لكنه تابع للشجرة وأباح بيع العرايا بخرصها . فأقام التقدير بالخرص مقام التقدير بالكيل [ ص: 228 ] عند الحاجة مع أن ذلك يدخل في الربا الذي هو أعظم من بيع الغرر - وهذه " قاعدة الشريعة " وهو تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما ودفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما - وبيع ما يكون قشره صونا له كالعنب والرمان والموز والجوز واللوز في قشره الواحد جائز باتفاق الأئمة .