فأجاب : إذا كان المقصود أن يأخذ أحدهما من الآخر دراهم [ ص: 334 ] وينتفع المعطي بعقار الآخر مدة مقام الدراهم في ذمته فإذا أعاد الدراهم إليه أعاد إليه العقار فهذا حرام بلا ريب وهذا دراهم بدراهم مثلها ومنفعة الدار وهو الربا البين ، وقد اتفق العلماء على أن المقرض متى اشترط زيادة على قرضه كان ذلك حراما وكذلك إذا تواطأ على ذلك في أصح قولي العلماء وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=84245لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن . ولا بيع ما ليس عندك } حرم النبي صلى الله عليه وسلم الجمع بين السلف والبيع ; لأنه إذا أقرضه وباعه : حاباه في البيع لأجل القرض وكذلك إذا آجره وباعه . وما يظهرونه من بيع الأمانة الذي يتفقون فيه على أنه إذا جاءه بالثمن أعاد إليه المبيع هو باطل باتفاق الأئمة سواء شرطه في العقد أو تواطأ عليه قبل العقد على أصح قولي العلماء والواجب في مثل هذا أن يعاد العقار إلى ربه والمال إلى ربه ويعزر كل من الشخصين إن كانا علما بالتحريم . والقرض الذي يجر منفعة قد ثبت النهي عنه عن غير واحد من الصحابة الذين ذكرهم السائل وغيرهم : كعبد الله بن سلام وأنس بن مالك وروي ذلك مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم رواه ابن ماجه وغيره .
وفي صحيح البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام : " إنك بأرض الربا فيها فاش فإذا أقرضت رجلا قرضا فأهدى لك حمل تبن أو حمل [ ص: 335 ] قت فاحسبه له من قرضه " وقال رجل لابن عباس : إني أقرضت سماكا عشرين درهما فأهدى لي سمكة فقومتها ثلاثة عشر درهما فقال لا تأخذ منه إلا سبعة دراهم . وحديث البكر حديث صحيح .
[ ص: 336 ] وهذا وإن كان قد رخص فيه طائفة من الفقهاء بناء على أن ذلك لم يشترط في العقد وأن المواطأة والنية لا تؤثر في العقود . فالصواب الذي عليه الكتاب والسنة واتفق عليه الصحابة وهو قول أكثر الأئمة : تحريم مثل ذلك . وأن النيات معتبرة في العقود كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=96591إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى } والشرط المتقدم كالمقارن له .
وقد عاتب الله من أسقط الواجبات واستحل المحرمات : بالحيل والمخادعات كما ذكر ذلك في سورة " ن " وفي قصة أهل السبت وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل } . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني : يخادعون الله كما يخادعون الصبيان لو أتوا الأمر على وجهه لكان أهون علي . ودلائل هذا مبسوطة في كتاب كبير .