[ ص: 357 ] باب الخيار سئل رحمه الله عن رجلين تبايعا عينا وشرطا لكل واحد منهما فسخ البيع وإمضاءه في مدة معتبرة شرعا . فهل يعتبر الخيار في الإمضاء والفسخ ؟ أو في الفسخ دون الإمضاء ؟ ويكون ذكر الإمضاء لغوا أو لا يعتبران معا ؟ فإن قيل : إن ذكر الإمضاء لغو فلا كلام . وإن قيل : إنهما يعتبران ولكل من اللفظين أثر في الحكم فإذا اختار أحدهما الإمضاء والآخر الفسخ فهل القول قول من اختار الفسخ ; أو السابق منهما ؟ أفتونا مأجورين .
فأجاب : الحمد لله رب العالمين إذا كان الأمر كما ذكر واختار أحدهما فسخ البيع فله فسخه بدون رضا الآخر ولو سبق الآخر بالإمضاء . والإمضاء المقرون بالفسخ يقصد به ترك الفسخ : أي لكل منهما أن يفسخه وأن لا يفسخه ; فإنه إذا لم يفسخاه إلى انقضاء المدة لا يقصد به التزام الآخر بالعقد لأن تفسيره بذلك ينافي أن [ ص: 358 ] يكون للآخر الفسخ وهو قد جعل لكل منهما الفسخ . وإن أراد بإمضائه : إمضاءه هو العقد بمعنى إسقاط حقه من الخيار كان ذلك صحيحا ; ولكن إذا سقط خياره لم يسقط خيار الآخر ; ولكن المعنى المعروف في مثل هذه العبارة : أن لكل منهما أن يفسخه وأن لا يفسخه . وإذا لم يفسخه فقد أمضاه . ونظير هذا قوله تعالى { وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف } فإن التسريح هو ترك الإمساك ; بحيث لا يحبسها . ولا يحتاج التسريح إلى إحداث طلاق كذلك إمضاء العقد لا يحتاج إلى إحداث إمضاء . والله أعلم .