فأجاب : وأما من قال . إن " السيميا والكيمياء " من علوم الأنبياء والأولياء فكاذب مفتر ; لم يعرف عن نبي من الأنبياء أنه تكلم لا في هذا ولا في هذا ولا عن ولي مقبول عند الأمة .
وأما " الكيمياء " فهو المشبه بالذهب والفضة المخلوقين . والكيمياء لا تختص بهذين ; بل تصنع كيمياء الجواهر : كاللؤلؤ والزبرجد . وكيمياء المشمومات : كالمسك والعنبر والورد وكيمياء المطعومات . وهي باطلة طبعا محرمة شرعا فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=36850من غشنا فليس منا } .
والفلاسفة يقولون : إن الصناعة لا تعمل عمل الطبيعة : يعني أن المصنوع من الذهب والفضة وغيرهما لا يكون مثل المطبوع الذي خلق بالقوة الطبيعية السارية في الأجسام ولهذا لا يوجد من المخلوقات ما صنع الخلق مثله وما يصنعه الخلق لم يخلق لهم مثله فهم يطحنون [ ص: 391 ] الطعام وينسجون الثياب ويبنون البيوت ولم يخلق لهم مثل ذلك . وكذلك الزجاج يصنعونه من الرمل والحصى ولم يخلق مثله . وهذا مما احتج به الكيماوية على صحة الكيمياء وهي حجة باطلة لما ذكر فإنه لو خلق زجاج وصنع زجاج مثله : لكان في هذا حجة وليس الأمر كذلك .
وجماهير العقلاء من الأولين والآخرين الذين تكلموا بعلم في هذا الباب يعلمون أن الكيمياء مشبه وأن الذهب المخلوق من المعادن ما يمكن أن يصنع مثله ; بل ولا يصنع وكل ينكشف قريبا أو بعيدا ولكن منه ما هو شديد الشبه ومنه ما هو أبعد شبها منه . وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع .