[ ص: 484 ] وقال الشيخ رحمه الله فصل : وأما
بيع المقاثي كالبطيخ والخيار والقثاء ونحو ذلك : فإنه وإن كان من العلماء في مذهب
أبي حنيفة والشافعي وأحمد من قال : لا يباع إلا لقطة لقطة جعلا ذلك من باب بيع الثمر قبل بدو صلاحه . والصحيح أنه يجوز بيعها بعروقها جملة كما يقول ذلك من يقوله من أصحاب
الشافعي وأحمد وهو مذهب
مالك وغيره ; لكن هذا القول له مأخذان .
أحدهما : أن العروق كأصول الشجر .
فبيع الخضراوات بعروقها قبل بدو صلاحها كبيع الشجر بثمره قبل بدو صلاحه يجوز تبعا . وهذا مأخذ طائفة من أصحاب
الشافعي وأحمد وإن كان هذا على خلاف أصوله .
والمأخذ الثاني : - وهو الصحيح - أن هذه لم تدخل في نهي النبي صلى الله عليه وسلم بل تصح مع العقود الذي هو اللقطة
[ ص: 485 ] الموجودة واللقطة المعدومة إلى أن تيبس المقثاة وإن كانت تلك معدومة لم توجد ; لأن الحاجة داعية إلى ذلك ولا يمكن بيعها إلا كذلك وبيعها لقطة لقطة متعذر أو متعسر لعدم التمييز وكلاهما منتف شرعا والشريعة استقرت على أن ما يحتاج إلى بيعه يجوز بيعه وإن كان معدوما كالمنافع وأجر الثمر الذي لم يبد صلاحه مع الأصل والذي بدا صلاحه مطلقا .
وأيضا فإنهم يقولون : هذه معلومة في العرف والعادة كالعلم بالثمار وتلفها بعد ذلك كتلف الثمار بالجائحة وتلف منافع الإجارة من جنسه . وثبت بالنص أن الجوائح توضع بلا محذور في ذلك أصلا بل المنع من بيع ذلك من الفساد والله لا يحب الفساد ، وإن كان بيع ذلك قد يفضي إلى نوع من الفساد فالفساد في تحريم ذلك أعظم فيجب دفع أعظم الفسادين باحتمال أدناهما إذ ذلك قاعدة مستقرة في الشريعة .