وسئل رحمه الله عن رجل له سواقي يزرع فيها : اللفت والجزر والفجل والقصب والقلقاس فهل يجوز بيعه في الأرض ؟ .
فأجاب : أما بيع القصب ونحوه سواء بيع على أن يقلع أو يقطع من مكان معروف في العادة وإن كان مغطى بورقه فإن هذا الغطاء [ ص: 486 ] لا يمنع صحة البيع كبيع الحب في سنبله وكبيع الجوز واللوز في قشريه ; فإن بيع جميع هذا جائز عند جماهير المسلمين الأولين والآخرين كأبي حنيفة ومالك وأحمد وقول في مذهب الشافعي وهو عمل المسلمين من زمن نبيهم إلى هذا الزمان في جميع الأعصار والأمصار .
وأيضا فإن هذا ليس من بيع الغرر فإنه معلوم في العادة . وأما بيع الجزر واللفت والفجل والقلقاس ونحو ذلك ففيه قولان مشهوران : أحدهما : لا يجوز حتى يقلع ; بناء على أنه مغيب لم ير ولم يوصف ; كسائر الأعيان الغائبة التي لم تر ولم توصف . وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي والمشهور من مذهب أحمد .
والثاني : أنه يجوز بيعه إذا رأى ما ظهر منه على الوجه المعروف وهذا قول مالك وقول في مذهب أحمد . وهذا أصح القولين وعليه عمل المسلمين قديما وحديثا ولا تتم مصلحة الناس إلا بهذا ; فإن تأخير بيعه إلى حين قلعه يتعذر تارة ويتعسر أخرى ويفضي إلى [ ص: 487 ] فساد الأموال .
وأما كون ذلك مغيبا فيكون غررا : فليس كذلك ; بل إذا رئي من المبيع ما يدل على ما لم ير جاز البيع باتفاق المسلمين : في مثل بيع العقار والحيوان . وكذلك ما يحصل الحرج بمعرفة جميعه يكتفى برؤية ما يمكن منه كما في بيع الحيطان . وما مأكوله في جوفه والحيوان الحامل وغير ذلك فالصواب جواز بيع مثل هذا . والله أعلم .