وأما " القوة " فليست قرضا محضا ; فإنه يشترط عليه فيها أن [ ص: 534 ] يبذرها في الأرض وإن كان عاملا وإن كان مستأجرا . فكأنه أجره أرضا يقويها بالأجرة المسماة فإذا انقضت الإجارة استرجع الأرض ونظيره القوة . وهذا فيه نزاع بين العلماء .
منهم من يقول : المنفعة هنا مشتركة بين المقرض والمقرض : فإن المقرض له غرض في عمارة أرضه مثل " السفتجة " وهو أن يقرضه ببلد ليستوفي في بلد آخر فيربح المقرض خطر الطريق ومئونة الحمل ويربح المقرض منفعة الاقتراض .
وكذلك " القوة " ليس مقصود المقوي يأخذ زيادة على قوته ; بل محتاج إلى إجارة أرضه وذلك محتاج إلى استئجارها فلا تتم مصلحتها إلا بقوة من المؤجر لحاجة المستأجر ، وفي التحقيق ليس المقصود بالقوة القرض بل تقويته بالبذر كما لو قواه بالبقر .
ومنهم من يجعله من باب القرض الذي يجر منفعة إنما القوة من تمام منفعة الأرض كما لو كان مع الأرض بقر ليحرث عليها فيكون قد أجر أرضا وبقرا : فهذا جائز بلا ريب ولكن القوة نفسها لا تبقى ولكن يرجع في نظيرها كما يرجع في المضاربة في نظير رأس المال . فلهذا منع من منع من العلماء من ذلك ; لأن الإجارة ترجع نفس العين فيها إلى المؤجر والمستأجر قد استوفى المنفعة . ومثل هذا لا يجوز في [ ص: 535 ] القرض فإنه لا يجب فيه إلا رد المثل بلا زيادة .