[ ص: 161 ] وكذلك لا
يقول لمن مات من الأنبياء والصالحين : يا نبي الله يا رسول الله ادع الله لي سل الله لي استغفر الله لي سل الله لي أن يغفر لي أو يهديني أو ينصرني أو يعافيني ولا يقول : أشكو إليك ذنوبي أو نقص رزقي أو تسلط العدو علي أو أشكو إليك فلانا الذي ظلمني ولا يقول : أنا نزيلك أنا ضيفك أنا جارك أو أنت تجير من يستجير أو أنت خير معاذ يستعاذ به .
ولا يكتب أحد ورقة ويعلقها عند القبور ولا يكتب أحد محضرا أنه استجار بفلان ويذهب بالمحضر إلى من يعمل بذلك المحضر ونحو ذلك مما يفعله أهل البدع من أهل الكتاب والمسلمين كما يفعله
النصارى في كنائسهم وكما يفعله المبتدعون من المسلمين عند قبور الأنبياء والصالحين أو في مغيبهم فهذا مما علم بالاضطرار من دين الإسلام وبالنقل المتواتر وبإجماع المسلمين أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع هذا لأمته . وكذلك الأنبياء قبله لم يشرعوا شيئا من ذلك بل أهل الكتاب ليس عندهم عن الأنبياء نقل بذلك كما أن المسلمين ليس عندهم عن نبيهم نقل بذلك ولا فعل هذا أحد من أصحاب نبيهم والتابعين لهم بإحسان ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم ولا ذكر أحد من الأئمة لا في مناسك الحج ولا غيرها أنه يستحب لأحد أن
يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عند قبره أن يشفع له أو يدعو لأمته أو يشكو إليه ما نزل بأمته من مصائب الدنيا والدين . وكان أصحابه يبتلون بأنواع من البلاء بعد موته فتارة بالجدب وتارة بنقص الرزق وتارة بالخوف وقوة العدو وتارة بالذنوب والمعاصي
[ ص: 162 ] ولم يكن أحد منهم يأتي إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ولا قبر
الخليل ولا قبر أحد من الأنبياء فيقول : نشكو إليك جدب الزمان أو قوة العدو أو كثرة الذنوب ولا يقول : سل الله لنا أو لأمتك أن يرزقهم أو ينصرهم أو يغفر لهم ; بل هذا وما يشبهه من البدع المحدثة التي لم يستحبها أحد من أئمة المسلمين فليست واجبة ولا مستحبة باتفاق أئمة المسلمين .