[ ص: 241 ] ثم من هؤلاء من جوز ذلك إذا كان البياض هو المقصود والشجر تابع كما يذكر عن مالك .
ومن هؤلاء من يجوز الاحتيال على ذلك بأن يؤجر الأرض ويساقي على الشجر بجزء من الخارج منه ; ولكن هذا إن شرط فيه أحد العقدين في الآخر لم يصح وإن لم يشترطا كان لرب البستان أن يلزمه بالأجرة عن الأرض بدون المساقاة .
وأكثر مقصود الضامن هو الثمر وهي جزء كبير من مقصوده .
وقد يكون المكان وقفا ومال يتيم فلا تجوز المحاباة في مساقاته .
وهذه الحيلة وإن كان nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى ذكرها في كتاب " إبطال الحيل " موافقة لغيره فالمنصوص عن أحمد أنها باطلة .
وقد بينا بطلان الحيل - التي يكون ظاهرها مخالفا لباطنها ويكون المقصود بها فعل ما حرم الله ورسوله كالحيل على الربا وعلى إسقاط الشفعة وغير ذلك - بالأدلة الكثيرة في غير هذا الموضع .
ومن العلماء من جوز الضمان للأرض والشجر مطلقا وإن كان الشجر مقصودا كما ذكر ذلك Multitarajem.php?tid=13371,13372ابن عقيل وهذا القول أصح وله مأخذان .
أحدهما : أنه إذا اجتمع الأرض والشجر فتجوز الإجارة لهما جميعا لتعذر التفريق بينهما في العادة .
[ ص: 242 ] والمأخذ الثاني : أن هذه الصورة لم تدخل في نهي النبي صلى الله عليه وسلم فإن رب الأرض لم يبع ثمره بلا أجر أصلا والفرق بينهما من وجوه : أحدهما : أنه لو استأجر الأرض جاز ولو اشترى الزرع قبل اشتداد الحب بشرط البقاء لم يجز فكذلك يفرق في الشجر .
الثاني : أن البائع عليه السقي وغيره مما فيه صلاح الثمرة حتى يكمل صلاحها وليس على المشتري شيء من ذلك .
وأما الضامن والمستأجر فإنه هو الذي يقوم بالسقي والعمل حتى تحصل الثمرة والزرع فاشتراء الثمرة اشتراء للعنب والرطب فإن البائع عليه تمام العمل حتى يصلح ; بخلاف من دفع إليه الحديقة وكان هو القائم عليها .
الرابع : أنه لو أعار أرضه لمن يزرعها أو أعطى شجرته لمن يستغلها ثم يدفعها إليه كان هذا من جنس العارية ; لا من جنس هبة الأعيان .
الخامس : أن ثمرة الشجر من مغل الوقف كمنفعة الأرض ولبن [ ص: 243 ] الظئر .
واستئجار الظئر جائز بالكتاب والسنة والإجماع .
واللبن لما كان يحدث شيئا بعد شيء صح عقد الإجارة عليه كما يصح على المنافع وإن كانت أعيانا ولهذا يجوز للمالك إجارة الماشية للبنها .
فإجارة البستان لمن يستغله بعمله هو من هذا الباب ليس هو من باب الشراء .
وإذا قيل : إن في ذلك غررا . قيل : هو كالغرر في الإجارة ; فإنه إذا استأجر أرضا ليزرعها فإنما مقصوده الزرع وقد يحصل وقد لا يحصل وقد ثبت عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أنه ضمن حديقة nindex.php?page=showalam&ids=168أسيد ابن حضير بعد موته ثلاث سنين وأخذ الضمان فصرفه في دينه ولم ينكر ذلك عليه أحد من الصحابة .
وأيضا : فإن أرض العنوة لما فتحها المسلمون دفعها عمر إليهم وفيها النخيل والأعناب لمن يعمل عليها بالخراج وهذه إجارة عند أكثر العلماء .