وسئل رحمه الله عن راعي أبقار سرح بالأبقار ليسقيها من مورد جرت العادة بسقي الأبقار منها فعند فراغ سقي الأبقار لحق إحدى الأبقار مرض من جهة الله تعالى فسقطت في الماء فتسبب الناس في إقامتها فلم تقم فجروها إلى البر لتقوم فلم تقم ولم يكن بها ضرب ولا غيره فحضر وكيل مالكها وجماعة من الناس وشاهدوا ما أصابها ورأوا ذبحها مصلحة فذبحوها : فهل يلزم الراعي قيمتها ؟
فأجاب : لا يلزم الراعي شيء إذا لم يكن منه تفريط ولا عدوان ; بل إن كان الأمر كما ذكروا لا يلزم أيضا من ذبحها شيء فإنهم قد أحسنوا فيما فعلوا ; فإن ذبحها خير من تركها حتى تموت . وقد فعل مثل هذا راع على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر [ ص: 254 ] النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ولا بين أنه ضامن .
وهو نظير خرق صاحب موسى السفينة لينتفع بها أهلها مرقوعة ; فإن ذلك خير لهم من ذهابها بالكلية ومثل هذا لو رأى الرجل مال أخيه المسلم يتلف بمثل هذا فأصلحه بحسب الإمكان كان مأجورا عليه وإن نقصت قيمته فناقص خير من تالف فكيف إذا كان مؤتمنا كالراعي ونحوه ؟