[ ص: 278 ] فصل وعلى هذا الأصل تتفرع المسائل .
فالجائحة هي
الآفات السماوية التي لا يمكن معها تضمين أحد : مثل الريح والبرد والحر والمطر والجليد والصاعقة ونحو ذلك كما لو تلف بها غير هذا المبيع .
فإن أتلفها آدمي يمكن تضمينه أو غصبها غاصب فقال أصحابنا
كالقاضي وغيره : هي بمنزلة
إتلاف المبيع قبل التمكن من قبضه يخير المشتري بين الإمضاء والفسخ كما تقدم .
وإن أتلفها من الآدميين من لا يمكن ضمانه كالجيوش التي تنهبها واللصوص الذين يخربونها : فخرجوا فيه وجهين : ( أحدهما ليست جائحة لأنها من فعل آدمي .
( والثاني وهو قياس أصول المذهب أنها جائحة وهو مذهب
مالك .
كما قلنا مثل ذلك في منافع الإجارة لأن المأخذ إنما هو إمكان الضمان ; ولهذا لو كان المتلف جيوش الكفار أو أهل الحرب كان ذلك كالآفة السماوية .
والجيوش واللصوص وإن فعلوا ذلك ظلما ولم يمكن تضمينهم : فهم بمنزلة البرد في المعنى .
ولو كانت الجائحة قد عيبته ولم تتلفه فهو كالعيب
[ ص: 279 ] الحادث قبل التمكن من القبض وهو كالعيب القديم يملك به أو الأرش حيث يقول به .
وإذا كان ذلك بمنزلة تلف المبيع قبل التمكن من قبضه فلا فرق بين قليل الجائحة وكثيرها في أشهر الروايتين . وهي قول
الشافعي وأبي عبيدة وغيرهما من فقهاء الحديث ; لعموم الحديث والمعنى .
( والثانية أن الجائحة الثلث فما زاد كقول
مالك ; لأنه لا بد من تلف بعض الثمر في العادة فيحتاج إلى تقدير الجائحة فتقدر بالثلث كما قدرت به الوصية والنذر ومواضع في الجراح وغير ذلك ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13995الثلث والثلث كثير } .
وعلى الرواية الأولى يقال : الفرق مرجعه إلى العادة فما جرت العادة بسقوطه أو أكل الطير أو غيره له فهو مشروط في العقد والجائحة ما زاد على ذلك ; وإذا زادت على العادة وضعت جميعها وكذلك إذا زادت على الثلث وقلنا بتقديره فإنها توضع جميعها .
وهل الثلث مقدر بثلث القيمة أو ثلث المقدار ؟ على وجهين .
وهما قولان في مذهب
مالك .