فأجبتهم : أنه إن عرف قدر المال تحقيقا قسم الموجود بينهم على قدره وإن لم يعرف إلا عدده قسم على العدد ; لأن المالين إذا اختلطا قسما بينهما وإن كان يدفع لكل منهم عن ماله ما كان للآخر ; لأن الاختلاط جعلهم شركاء ; لا سيما على أصلنا أن الشركة تصح بالعقد مع امتياز المالين ; لكن الاشتباه في الغنم ونحوها يقوم مقام الاختلاط في المائعات .
[ ص: 331 ] وعلى هذا فينبغي أنه إذا اشتركا فيما يتشابه من الحيوان والثياب أنه يصح كما لو كان رأس المال دراهم إذا صححناها بالعروض وإذا كانوا شركاء بالاختلاط والاشتباه فعند القسمة يقسم على قدر المالين فإن كان المردود جميع ما لهم فظاهر وإن كان بعضه فذلك البعض هو بعض المشترك كما لو رد بعض الدراهم المختلطة .
يبقى إن كان حيوانا .
فهل يجب قسمته أعيانا عند طلب بعضهم قولا واحدا أو يخرج على القولين في الحيوان المشترك ؟ فالأشبه خروجه على الخلاف ; لأنه إذا كان لأحدهما عشرة رءوس وللآخر عشرون فما وجد فلأحدهما ثلثه وللآخر ثلثاه كذلك .
لكن المحذور في هذه المسألة أن مال كل منهما إن عرف قيمته فظاهر وإن لم يعرف إلا عدده مع أن غنم أحدهما قد تكون خيرا من غنم الآخر فالواجب عند تعذر معرفة رجحان أحدهما على الآخر التسوية ; لأن الضرورة تلجئ إلى التسوية .
وعلى هذا فسواء اختلط غنم أحدهما بالآخر عمدا أو خطأ يقسم المالان على العدد إن لم يعرف الرجحان .
وإن عرف وجهل قدره أثبت منه القدر المتيقن وأسقط الزائد المشكوك فيه ; لأن الأصل عدمه .