فأجاب : الذين جمعوا الزيت على وجه الماء قد خلصوا مال المعصوم من التلف ولهم أجرة المثل والزيت لصاحبه .
وأما كون الزيت لصاحبه فلا أعلم فيه نزاعا ; إلا نزاعا قليلا ; فإنه يروى عن الحسن بأنه قال : هو لمن خلصه .
[ ص: 415 ] وأما وجوب أجرة المثل لمن خلصه .
فهذا فيه قولان للعلماء .
أصحهما وجوب الأجرة وهو منصوص أحمد وغيره لأن هذا المخلص متبرع .
وأصحاب القول يقولون : إن خلصوه لله تعالى فأجرهم على الله تعالى وإن خلصوه لأجل العوض فلهم العوض ; لأن ذلك لو لم يفعل لأفضى إلى هلاك الأموال ; لأن الناس لا يخلصونها من المهالك إذا عرفوا أنهم لا فائدة لهم في ذلك والصحابة قد قالوا فيمن اشترى أموال المسلمين من الكفار : إنه يأخذه ممن اشتراه بالثمن ; لأنه هو الذي خلصه بذلك الثمن ولأن هذا المال كان مستهلكا لولا أخذ هذا وتخليصه عمل مباح ; ليس هو عاصيا فيه فيكون المال إذا حصل بعمل هذا والأصل لهذا فيكون مشتركا بينهما ; لكن لا تجب الشركة على المعين ; فيجب أجرة المثل ولأن مثل هذا مأذون فيه من جهة العرف ; فإن عادة الناس أنهم يطلبون من يخلص لهم هذا بالأجرة .
والإجارة تثبت بالعرف والعادة كمن دخل إلى حمام أو ركب في سفينة بغير مشارطة وكمن دفع طعاما إلى طباخ وغسال بغير مشارطة ونظائر ذلك متعددة .
ولو كان المال حيوانا فخلصه من مهلكة ملكه كما ورد به الأثر ; لأن الحيوان له حرمة في نفسه ; بخلاف المتاع ; فإن حرمته لحرمة صاحبه فهناك تخليصه لحق الحيوان وهو بالمهلكة قد ييأس صاحبه ; [ ص: 416 ] بخلاف المتاع ; فإن صاحبه يقول للمخلص : كان يجوز لك من حين أن أدعه والحق فيه لي فإذا لم تعطني حقي لم آذن لك في تخليصه .
وأما الرمان إذا لم يعرف صاحبه فهو كاللقطة واللقطة إن رجي وجود صاحبها عرفت حولا وإن كانوا لا يرجون وجود صاحبه ففي تعريفه قولان ; لكن على القولين لهم أن يأكلوا الرمان أو يبيعوه ويحفظوا ثمنه ثم يعرفوه بعد ذلك .