[ ص: 10 ] وسئل رحمه الله عن قوم بيدهم وقف من جدهم من أكثر من مائة وخمسين سنة على مشهد مضاف إلى شيث وعلى ذرية الواقف والفقراء ونظره لهم والوقف معروف بذلك من الزمان القديم . وقد ثبت ذلك في مجلس الحكم الشريف وبيدهم مراسيم الملوك من زمان نور الدين وصلاح الدين تشهد بذلك وتأمر بإعفاء هذا الوقف ورعاية حرمته وقد قام نظار هذا الوقف في هذا الوقت طلبوا أن يفرقوا نصف المغل في عمارة المشهد والنصف الذي يبقى لذريته يأخذونه لا يعطونهم إياه ولا يصرفونه في مصارف الوقف ؟ .
فأجاب : لا يجوز هذا للناظر ولا يجوز تمكينهم من أن يصرفوا الوقف في غير مصارفه الشرعية ولا حرمان ورثة الواقف والفقراء الداخلين في شرط الواقف ; بل ذريته والفقراء أحق بأن يصرف إليهم ما شرط لهم من المشهد المذكور ; فكيف يحرمون - والحال هذه - بل لو كان الوقف على المشهد وحده لكان صرف ما يفضل إليهم مع حاجتهم أولى من صرفه إلى غيرهم .
وقد اتفق الأئمة على أنه لا يشرع بناء هذه المشاهد على القبور ; ولا الإعانة على ذلك بوقف ولا غيره ; ولا النذر لها ; ولا العكوف عليها ; ولا فضيلة للصلاة والدعاء ( فيها على المساجد الخالية عن القبور ; فإنه يعرف أن هذا خلاف دين الإسلام المعلوم بالاضطرار المتفق عليه بين الأئمة ; فإنه إن لم يرجع فإنه يستتاب ; بل قد نص الأئمة المعتبرون على أن بناء المساجد على القبور مثل هذا المشهد ونحوه حرام ; لما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=600751لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد } يحذر ما فعلوا ; قالت عائشة رضي الله عنها ولولا ذلك لأبرز قبره ; ولكن كره أن يتخذ مسجدا .
أما ما يصرف لبناء المشهد فمعصية لله . والصرف إليهم واجب . وإن كان المسجد منفصلا عن القبر فحكمه حكم سائر مساجد المسلمين ; ولكن لا فضيلة له على غيره . والله أعلم .