وسئل رحمه الله عن رجل ولى ذا شوكة على وقف من مساجد وربط وغير ذلك اعتمادا على دينه وعلما بقصده للمصلحة . فعند توليته - وجد تلك الوقوف على غير سنن مستقيم ويتعرض إليها - كره مباشرتها ; لئلا يقع الطمع في مالها وغير ملتفتين إلى صرفها في استحقاقها . وهم مثل القاضي والخطيب وإمام الجامع وغير ذلك فإنهم يأخذون من عموم الوقف وهو مع هذا عاجز عن صد التعرض عنها ومع اجتهاده فيها ومبالغته . فهل يحل للسائل عزل نفسه عنها وعن القيام بما يقدر عليه من مصالحها ; مع العلم بأنه بأجرة يكثر التعرض فيها والطمع في مالها .
وهل يحل له تناول أجرة عمله منها مع كونه ذا عائلة وعاجزا عن تحصيل قوتهم من غيرها ؟ وهل يحل للناظر إذا وجد مكانا خربا أن يصرف [ ص: 92 ] ماله في مصلحة غيره عند تحققه بأن مصلحته ما يتصور أن تقوم بعمارته ؟ وهل إذا فضل عن جهته شيء من ملكها صرفه إلى مهم غيره وعمارة لازمة يمكن أن تحفظه لكثرة التعرض إليه أم لا ؟
وإذا تعين ذلك على هذا الرجل فليس له ترك ذلك إلا مع ضرر أوجب التزامه أو مزاحمة ما هو أوجب من ذلك . وله بإجماع المسلمين مع الحاجة تناول أجرة عمله فيها ; بل قد جوزه من جوزه مع الغنى أيضا كما جوز الله تعالى للعاملين على الصدقات الأخذ مع الغنى عنها .
وإذا خرب مكان موقوف فتعطل نفعه بيع وصرف ثمنه في نظيره أو نقلت إلى نظيره وكذلك إذا خرب بعض الأماكن الموقوف عليها [ ص: 93 ] - كمسجد ونحوه - على وجه يتعذر عمارته فإنه يصرف ريع الوقف عليه إلى غيره . وما فضل من ريع وقف عن مصلحته صرف في نظيره أو مصلحة المسلمين من أهل ناحيته ولم يحبس المال دائما بلا فائدة وقد كان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب كل عام يقسم كسوة الكعبة بين الحجيج ; ونظير كسوة الكعبة المسجد المستغنى عنه من الحصر ونحوها وأمر بتحويل مسجد الكوفة من مكان إلى مكان حتى صار موضع الأول سوقا .