وسئل رضي الله عنه عمن وقف وقفا على ابن ابنه فلان ثم على أولاده : واحدا كان أم أكثر ثم على أولاد أولاده ثم نسله وعقبه . فمن توفي منهم عن ولد أو ولد ولد أو عن نسل وعقب عاد ما كان جاريا عليه من ذلك على من معه في درجته . فتوفي الأول عن أولاد توفي أحدهم في حياته عن أولاد ثم مات الأول وخلف بنته وولدي ابنه . فهل تأخذ البنت الجميع ؟ أو ينتقل إلى ولدي الابن ما كان يستحقه أبوهما لو كان حيا ؟
فأجاب : بل النصيب الذي كان يستحقه محمد الميت في حياة أبيه لو عاش ينتقل إلى ولديه دون أخته ; فإن الواقف قد ذكر أن قوله : على [ ص: 188 ] أولاده ثم على أولاد أولاده إنما أراد به ترتيب الأفراد على الأفراد لا ترتيب الجملة على الجملة بما بينه . وإن كان ذلك هو مدلول اللفظ عند الإطلاق على أحد القولين . والحقوق المرتب أهلها شرعا أو شرطا إنما يشترط انتقالها إلى الطبقة الثانية عند عدم الأولى أو عدم استحقاقها ; لاستحقاق الأولى أولا كما يقول الفقهاء في العصب بالميراث أو النكاح : الابن ثم ابنه ثم الأب ثم أبوه .
فاستحقاق ابن الابن مشروط بعدم أبيه ; لعدم استحقاقه - لمانع يقوم به من كفر وغيره - لا يشترط أن أباه يستحق شيئا لم ينتقل إليه كذلك في الأم : النكاح والحضانة وولاية غسل الميت والصلاة عليه . وإنما يتوهم من يتوهم اشتراط استحقاق الطبقة الأولى ; لتوهمه أن الوقف ينتقل من الأولى إليها وتتلقاه الثانية عن الأولى ; كالميراث وليس كذلك ; بل هي تتلقى الوقف عن الواقف كما تلقته الأولى وكما تتلقى الأقارب حقوقهم عن الشارع ; لكن يرجع في الاستحقاق إلى ما شرطه الشارع والواقف من الترتيب .