وسئل رحمه الله عن امرأة وصت لطفلة تحت نظر أبيها بمبلغ من ثلث مالها وتوفيت الموصية وقبل للطفلة والدها الوصية المذكورة بعد وفاتها ; وادعى لها عند الحاكم بما وصت الموصية وقامت البينة بوفاتها وعليها بما نسب إليها من الإيصاء وعلى والدها بقبول الوصية لابنته وتوقف الحاكم عن الحكم للطفلة بما ثبت لها عنده بالبينة لتعذر حلفها لصغر سنها : فهل يحلف والدها ؟ أو يوقف الحكم إلى البلوغ ويحلفها ؟ أم لا ؟
فأجاب : الحمد لله . لا يحلف والدها ; لأنه غير مستحق ; ولا يوقف الحكم إلى بلوغها وحلفها ; بل يحكم لها بذلك بلا نزاع بين العلماء ; ما لم يثبت معارض . بل أبلغ من هذا لو ثبت لصبي أو لمجنون حق على غائب عنه من دين عن مبيع أو بدل قرض أو أرش جناية أو غير ذلك مما لو كان مستحقا بالغا عاقلا : يحلف على عدم الإبراء أو الاستيفاء في أحد قولي [ ص: 311 ] العلماء ; ويحكم به للصبي والمجنون ولا يحلف وليه كما قد نص عليه العلماء . ولهذا لو ادعى مدع على صبي أو مجنون جناية أو حقا لم يحكم له ; ولا يحلف الصبي والمجنون . وإن كان البالغ العاقل لا يقول إلا بيمين . ولها نظائر . هذا فيما يشرع فيه اليمين بالاتفاق أو على أحد قولي العلماء . فكيف بالوصية التي لم يذكر العلماء تحليف الموصى له فيها ; وإنما أخذ بعض الناس . والوصية تكون للحمل باتفاق العلماء ويستحقها إذا ولد حيا ولم يقل مسلم : إنها تؤخر إلى حين بلوغه . ولا يحلف . والله أعلم .