[ ص: 15 ] باب أركان النكاح وشروطه قال شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله تعالى فصل عمدة
من قال : لا يصح النكاح إلا بلفظ " الإنكاح " و " التزويج " - وهم أصحاب
الشافعي وابن حامد ومن وافقهم من أصحابنا
nindex.php?page=showalam&ids=11851كأبي الخطاب والقاضي وأصحابه ومن بعده - إلا في لفظ " أعتقتك وجعل عتقك صداقك " أنهم قالوا : ما سوى هذين اللفظين " كناية " والكناية لا تقتضي الحكم إلا بالنية والنية في القلب لا تعلم فلا يصح
عقد النكاح بالكناية لأن صحته مفتقرة إلى الشهادة عليه والنية لا يشهد عليها ; بخلاف ما يصح بالكناية : من طلاق وعتق وبيع ; فإن الشهادة لا تشترط في صحة ذلك .
ومنهم من يجعل ذلك تعبدا ; لما فيه من ثبوت العبادات . وهذا قول من لا يصححه إلا بالعربية من أصحابنا وغيره وهذا ضعيف لوجوه . " أحدها " لا نسلم أن ما سوى هذين كناية ; بل ثم ألفاظ هي حقائق عرفية في العقد أبلغ من لفظ " أنكحت " فإن هذا اللفظ مشترك بين الوطء والعقد ولفظ " الإملاك " خاص بالعقد لا يفهم إذا قال القائل : أملك فلان على فلانة . إلا العقد كما في الصحيحين : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600813أملكتكها على ما معك من القرآن } سواء كانت الرواية باللفظ أو بالمعنى .
[ ص: 16 ]
" الثاني " أنا لا نسلم أن الكناية تفتقر إلى النية مطلقا ; بل إذا قرن بها لفظ من ألفاظ الصريح أو حكم من أحكام العقد كانت صريحة كما قالوا في " الوقف " إنه ينعقد بالكناية : كتصدقت وحرمت وأبدت . إذا قرن بها لفظ أو حكم . فإذا [ قال ] : أملكتكها فقال : قبلت هذا التزويج . أو أعطيتكها زوجة فقال : قبلت . أو أملكتكها على ما أمر الله به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ونحو ذلك : فقد قرن بها من الألفاظ والأحكام ما يجعله صريحا .
" الثالث " أن إضافة ذلك إلى الحرة يبين المعنى ; فإنه إذا قال في ابنته : ملكتكها أو أعطيتكها أو زوجتكها ونحو ذلك : فالمحل ينفي الإجمال والاشتراك .
" الرابع " أن هذا منقوض عليهم بالشهادة في الرجعة ; فإنها مشروعة إما واجبة وإما مستحبة . وهي شرط في صحة الرجعة على قول وبالشهادة على البيع وسائر العقود ; فإن ذلك مشروع مطلقا سواء كان العقد بصريح أو كناية مفسرة .
" الخامس " : أن الشهادة تصح على العقد . ويثبت بها عند الحاكم على أي صورة انعقدت . فعلم أن اعتبار الشهادة فيه لا يمنع ذلك .
" السادس " أن العاقدين يمكنهما تفسير مرادهما ويشهد الشهود على ما فسروه .
[ ص: 17 ] " السابع " أن الكناية عندنا إذا اقترن بها دلالة الحال كانت صريحة في الظاهر بلا نزاع . ومعلوم أن اجتماع الناس وتقديم الخطبة وذكر المهر والمفاوضة فيه والتحدث بأمر النكاح : قاطع في إرادة النكاح ; وأما التعبد فيحتاج إلى دليل شرعي . ثم العقد جنس لا يشرع فيه التعبد بالألفاظ ; لأنها لا يشترط فيها الإيمان ; بل تصح من الكافر وما يصح من الكافر لا تعبد فيه . والله أعلم .