[ ص: 29 ] وسئل رحمه الله تعالى عن رجل تزوج بكرا بولاية أبيها ; ولم يستأذن حين العقد ; وكان قدم العقد عليها لزوج قبله ; وطلقت قبل الدخول بغير إصابة ; ثم دخل بها الزوج الثاني فوجدها بنتا فكتم ذلك وحملت الزوجة منه واستقر الحال بينهما فلما علم الزوج أنها لم تستأذن [ حين ] العقد عليها سأل عن ذلك قيل له : إن العقد مفسوخ ; لكونها بنتا ولم تستأذن : فهل يكون العقد مفسوخا ؟ والوطء شبهة ؟ ويلزم تجديد العقد أم لا ؟
فأجاب : أما إذا كانت ثيبا من زوج وهي بالغ فهذه لا تنكح إلا بإذنها باتفاق الأئمة ; ولكن إذا زوجت بغير إذنها ثم أجازت العقد جاز ذلك في مذهب أبي حنيفة ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12251والإمام أحمد في إحدى الروايتين ; ولم يجز في مذهب الشافعي وأحمد في رواية أخرى . وإن كانت ثيبا من زنا فهي كالثيب من النكاح في مذهب الشافعي وأحمد وصاحبي أبي حنيفة .
وفيه قول آخر : أنها كالبكر وهو مذهب أبي حنيفة نفسه ومالك . وإن كانت البكارة زالت بوثبة أو بأصبع أو نحو ذلك فهي كالبكر عند الأئمة الأربعة . وإذا كانت بكرا فالبكر يجبرها أبوها على النكاح وإن كانت بالغة : في مذهب مالك والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين .
وفي الأخرى وهي [ ص: 30 ] مذهب أبي حنيفة وغيره أن الأب لا يجبرها إذا كانت بالغا وهذا أصح ما دل عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشواهد الأصول . فقد تبين في هذه المسألة أن أكثر العلماء يقولون : إذا اختارت هي العقد جاز ; وإلا احتاج إلى استئناف . وقد يقال : هو الأقوى هنا ; لا سيما والأب إنما عقد معتقدا أنها بكر وأنه لا يحتاج إلى استئذانها ; فإذا كانت في الباطن بخلاف ذلك كان معذورا . فإذا اختارت هي النكاح لم يكن هذا بمنزلة تصرف الفضولي . ووقف العقد على الإجازة فيه نزاع مشهور بين العلماء والأظهر فيه التفصيل بين بعضها وبعض كما هو مبسوط في غير هذا الموضع .
وقال الشيخ رحمه الله ليس لأحد الأبوين أن يلزم الولد بنكاح من لا يريد وأنه إذا امتنع لا يكون عاقا وإذا لم يكن لأحد أن يلزمه بأكل ما ينفر عنه مع قدرته على أكل ما تشتهيه نفسه كان النكاح كذلك وأولى ; فإن أكل المكروه مرارة ساعة وعشرة المكروه من الزوجين على طول يؤذي صاحبه كذلك ولا يمكن فراقه .