وفي لفظ آخر : إذا كانت ذات مال وجمال رغبوا في نكاحها في إكمال الصداق ; وإذا كانت مرغوبا عنها في قلة المال والجمال رغبوا عنها ; وأخذوا غيرها من النساء . قال : فكما يتركونها حتى يرغبوا عنها ; فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبوا فيها ; إلا أن يقسطوا لها ويعطوها حقها من الصداق . فهذا يبين أن الله أذن لهم أن يزوجوا اليتامى من النساء إذا فرضوا لهن صداق مثلهن ; ولم يأذن لهم في تزويجهن بدون صداق المثل ; لأنها ليست من أهل التبرع ; ودلائل ذلك متعددة .
ثم الجمهور الذين جوزوا إنكاحها لهم قولان : " أحدهما " وهو قول أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين : أنها تزوج بدون إذنها ; ولها الخيار إذا بلغت .
وعن أبي موسى الأشعري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=600822تستأمر اليتيمة في نفسها فإن سكتت فقد أذنت ; وإن أبت فلا جواز عليها } . فهذه السنة نص في القول الثالث الذي هو أعدل الأقوال أنها تزوج ; خلافا لمن قال : إنها لا تزوج حتى تبلغ فلا تصير " يتيمة " . والكتاب والسنة صريح في دخول اليتيمة قبل البلوغ في ذلك ; إذ البالغة التي لها أمر في مالها يجوز لها أن ترضى بدون صداق المثل ; ولأن ذلك مدلول اللفظ وحقيقته ولأن ما بعد البلوغ وإن سمي صاحبه يتيما مجازا فغايته أن يكون داخلا في العموم . وأما أن يكون المراد باليتيمة البالغة دون التي لم تبلغ : فهذا لا يسوغ حمل اللفظ عليه بحال . والله أعلم .