فأجاب : هذا العقد صحيح في مذهب أحمد المنصوص عنه في أكثر أجوبته الذي عليه عامة أصحابه ومذهب أبي حنيفة أيضا . لكن أحمد في المشهور عنه يقول : إذا زوجت بإذنها وإذن أخيها لم يكن لها الخيار إذا [ ص: 47 ] بلغت . وأبو حنيفة وأحمد في رواية يقول : تزوج بلا إذنها ولها الخيار إذا بلغت . وهذا أحد القولين في مذهب مالك أيضا . ثم عنه رواية : إن دعت حاجة إلى نكاحها ومثلها يوطأ جاز .
وقيل : تزوج ولها الخيار إذا بلغت . وقال ابن بشير : اتفق المتأخرون أنه يجوز نكاحها إذا خيف عليها الفساد .
والقول " الثالث " وهو قول الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى : أنها لا تزوج حتى تبلغ إذا لم يكن لها أب وجد . قالوا : لأنه ليس لها ولي يجبر وفي نفسها لا إذن لها قبل البلوغ ; فتعذر تزويجها بإذنها وإذن وليها .
وقوله : { قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب } يفتيكم ونفتيكم في المستضعفين . فقد أخبرت [ ص: 48 ] عائشة في هذا الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري ومسلم : أن هذه الآية نزلت في اليتيمة تكون في حجر وليها وأن الله أذن له في تزويجها إذا أقسط في صداقها وقد أخبر أنها في حجره . فدل على أنها محجور عليها . وأيضا فقد ثبت في السنن من حديث أبي موسى nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30658لا تنكح اليتيمة حتى تستأذن فإن سكتت فقد أذنت وإن أبت فلا جواز عليها } فيجوز تزويجها بإذنها ومنعه بدون إذنها .
وقد قال صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=18133لا يتم بعد احتلام } ولو أريد " باليتيم " ما بعد البلوغ : فبطريق المجاز ; فلا بد أن يعم ما قبل البلوغ وما بعده . أما تخصيص لفظ " اليتيم " بما بعد البلوغ فلا يحتمله اللفظ بحال ; ولأن الصغير المميز يصح لفظه مع إذن وليه كما يصح إحرامه بالحج بإذن الولي وكما يصح تصرفه في البيع وغيره بإذن وليه : عند أكثر العلماء كما دل على ذلك القرآن بقوله : { وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح } الآية .
فأمر بالابتلاء قبل البلوغ ; وذلك قد لا يأتي إلا بالبيع - ولا تصح وصيته وتدبيره عند الجمهور - وكذلك إسلامه ; كما يصح صومه وصلاته وغير ذلك لما له في ذلك من المنفعة .
فإذا زوجها الولي بإذنها من كفؤ جاز وكان هذا تصرفا بإذنها وهو مصلحة لها وكل واحد من هذين مصحح لتصرف المميز . والله أعلم .