فأجاب : الحمد لله . إن كان قد طلقها ثلاثا فقد وقع به الطلاق ؟ وليس لأحد بعد الطلاق الثلاث أن ينظر في الولي : هل كان عدلا أو فاسقا ; ليجعل فسق الولي ذريعة إلى عدم وقوع الطلاق ; فإن أكثر [ ص: 100 ] الفقهاء يصححون ولاية الفاسق وأكثرهم يوقعون الطلاق في مثل هذا النكاح ; بل وفي غيره من الأنكحة الفاسدة .
فإذا فرع على أن النكاح فاسد ; وأن الطلاق لا يقع فيه ; فإنما يجوز أن يستحل الحلال من يحرم الحرام ; وليس لأحد أن يعتقد الشيء حلالا حراما .
وهذا الزوج كان وطئها قبل الطلاق ولو ماتت لورثها : فهو عامل على صحة النكاح فكيف يعمل بعد الطلاق على فساده فيكون النكاح صحيحا إذا كان له غرض في صحته فاسدا إذ كان له غرض في فساده وهذا القول يخالف إجماع المسلمين ; فإنهم متفقون على أن من اعتقد حل الشيء كان عليه أن يعتقد ذلك سواء وافق غرضه أو خالفه ومن اعتقد تحريمه كان عليه أن يعتقد ذلك في الحالين . وهؤلاء المطلقون لا يفكرون في فساد النكاح بفسق الولي إلا عند الطلاق الثلاث لا عند الاستمتاع والتوارث فيكونون في وقت يقلدون من يفسده وفي وقت يقلدون من يصححه بحسب الغرض والهوى ومثل هذا لا يجوز باتفاق الأمة .
ونظير هذا أن يعتقد الرجل ثبوت " شفعة الجوار " إذا كان طالبا لها ويعتقد عدم الثبوت إذا كان مشتريا ; فإن هذا لا يجوز بالإجماع وهذا أمر مبني على صحة ولاية الفاسق في حال نكاحه وبني على فساد ولايته [ ص: 101 ] في حال طلاقه : فلم يجز ذلك بإجماع المسلمين . ولو قال المستفتي المعين : أنا لم أكن أعرف ذلك وأنا من اليوم ألتزم ذلك : لم يكن من ذلك لأن ذلك يفتح باب التلاعب بالدين وفتح للذريعة إلى أن يكون التحليل والتحريم بحسب الأهواء . والله أعلم .