[ ص: 262 ] سئل شيخ الإسلام : - عمن يعتقد " الجهة " هل هو مبتدع أو كافر أو لا ؟
. فأجاب : أما من اعتقد الجهة ; فإن كان يعتقد أن الله في داخل المخلوقات تحويه المصنوعات وتحصره السموات ويكون بعض المخلوقات فوقه وبعضها تحته فهذا مبتدع ضال . وكذلك إن كان يعتقد أن الله يفتقر إلى شيء يحمله - إلى العرش أو غيره - فهو أيضا مبتدع ضال . وكذلك إن جعل صفات الله مثل صفات المخلوقين فيقول : استواء الله كاستواء المخلوق أو نزوله كنزول المخلوق ونحو ذلك فهذا مبتدع ضال ; فإن الكتاب والسنة مع العقل دلت على أن الله لا تماثله المخلوقات في شيء من الأشياء ودلت على أن الله غني عن كل شيء ودلت على أن الله مباين المخلوقات عال عليها . وإن كان يعتقد أن الخالق تعالى بائن عن المخلوقات وأنه فوق سمواته على عرشه بائن من مخلوقاته ليس في مخلوقاته شيء من ذاته ولا في ذاته شيء من مخلوقاته ; وأن الله غني عن العرش وعن كل ما سواه لا يفتقر إلى شيء من [ ص: 263 ] المخلوقات ; بل هو مع استوائه على عرشه يحمل العرش وحملة العرش بقدرته ولا يمثل استواء الله باستواء المخلوقين ; بل يثبت الله ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات وينفى عنه مماثلة المخلوقات ويعلم أن الله ليس كمثله شيء : لا في ذاته ولا في صفاته ولا أفعاله . فهذا مصيب في اعتقاده موافق لسلف الأمة وأئمتها . فإن مذهبهم أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل فيعلمون أن الله بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير وأنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش وأنه كلم موسى تكليما وتجلى للجبل فجعله دكا هشيما . ويعلمون أن الله ليس كمثله شيء في جميع ما وصف به نفسه ; وينزهون الله عن صفات النقص والعيب ويثبتون له صفات الكمال ويعلمون أنه ليس له كفؤ أحد في شيء من صفات الكمال قال نعيم بن حماد الخزاعي : من شبه الله بخلقه فقد كفر ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيها . والله أعلم