[ ص: 208 ] وسئل شيخ الإسلام رحمه الله عن " شرب النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا " - يعني تنفس ثلاثا - فلو شرب أحد مرة هل يكون حراما ؟ وهل ورد أنه لم يشرب مرة فقط ؟ وقد جاء في بعض الكتب العشرة " أنه شرب مرة واحدة " وقد كتب في هذا فتيا وقالوا : إذا شرب مرة حرام ; ولم يسمع أحد من أهل العلم هذا القول وقد ورد الحديث أيضا : " أنه شرب صلى الله عليه وسلم قائما " فهل هذا للتنزيه ؟ أو للتحريم ؟ وهل إذا شرب من غير عذر قائما عليه إثم ؟ وهل إذا شرب مرة واحدة هل يكون حراما ؟
وحديث علي هذا قد روي فيه أثر أنه كان ذلك من زمزم كما جاء في حديث ابن عباس هذا كان في الحج والناس هناك يطوفون ويشربون من زمزم ويستقون ويسألونه ولم يكن موضع قعود مع أن هذا كان قبل موته بقليل فيكون هذا ونحوه مستثنى من ذلك النهي وهذا جار عن أحوال الشريعة : أن المنهي عنه يباح عند الحاجة ; بل ما هو أشد من هذا يباح عند الحاجة ; بل المحرمات التي حرم أكلها وشربها كالميتة والدم تباح للضرورة . وأما ما حرم مباشرته طاهرا - كالذهب والحرير - فيباح للحاجة وهذا النهي عن صفة في الأكل والشرب : فهذا دون النهي عن الشرب في آنية الذهب والفضة وعن لباس الذهب والحرير ; إذ ذاك قد جاء فيه وعيد ومع هذا فهو مباح للحاجة : فهذا أولى . والله أعلم .