[ ص: 247 ] باب العشرة وسئل شيخ الإسلام رحمه الله عن أقوام يعاشرون " المردان " وقد يقع من أحدهم قبلة ومضاجعة للصبي ويدعون أنهم يصحبون لله ; ولا يعدون ذلك ذنبا ولا عارا ; ويقولون : نحن نصحبهم بغير خنا ; ويعلم أبو الصبي بذلك وعمه وأخوه فلا ينكرون : فما حكم الله تعالى في هؤلاء ؟ وماذا ينبغي للمرء المسلم أن يعاملهم به والحالة هذه ؟
فأجاب : الحمد لله . الصبي الأمرد المليح بمنزلة المرأة الأجنبية في كثير من الأمور ولا يجوز تقبيله على وجه اللذة ; بل لا يقبله إلا من يؤمن عليه : كالأب ; والإخوة . ولا يجوز النظر إليه على هذا الوجه باتفاق الناس ; بل يحرم عند جمهورهم النظر إليه عند خوف ذلك ; وإنما ينظر إليه لحاجة بلا ريبة مثل معاملته والشهادة عليه ; ونحو ذلك كما ينظر إلى المرأة للحاجة .
وليس لأحد من الناس أن يفعل ما يفضي إلى هذه المفاسد المحرمة وإن ضم إلى ذلك مصلحة من تعليم أو تأديب ; فإن " المردان " يمكن تعليمهم وتأديبهم بدون هذه المفاسد التي فيها مضرة عليهم وعلى من يصحبهم وعلى المسلمين : بسوء الظن تارة وبالشبهة أخرى ; بل روي : أن رجلا كان يجلس [ ص: 249 ] إليه المردان فنهى عمر رضي الله عنه عن مجالسته . ولقي nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب شابا فقطع شعره ; لميل بعض النساء إليه ; مع ما في ذلك من إخراجه من وطنه ; والتفريق بينه وبين أهله . ومن أقر صبيا يتولاه : مثل ابنه وأخيه أو مملوكه أو يتيم عند من يعاشره على هذا الوجه : فهو ديوث ملعون { nindex.php?page=hadith&LINKID=69594ولا يدخل الجنة ديوث } فإن الفاحشة الباطنة ما يقوم عليها بينة في العادة ; وإنما تقوم على الظاهرة وهذه العشرة القبيحة من الظاهرة وقد قال الله تعالى : { ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن } وقال تعالى : { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن } .
فلو ذكرنا ما حصل في مثل هذا من الضرر والمفاسد وما ذكره العلماء : لطال . سواء كان الرجل تقيا أو فاجرا ; فإن التقي يعالج مرارة في مجاهدة هواه وخلاف نفسه ; وكثيرا ما يغلبه شيطانه ونفسه ; بمنزلة من يحمل حملا لا يطيقه فيعذبه أو يقتله ; والفاجر يكمل فجوره بذلك . والله أعلم