فصل إذا
حلف الرجل بالحرام فقال : الحرام يلزمني لا أفعل كذا . أو الحل علي حرام لا أفعل كذا أو ما أحل الله علي حرام إن فعلت كذا . أو ما يحل للمسلمين يحرم علي إن فعلت كذا . أو نحو ذلك وله زوجة : ففي هذه المسألة نزاع مشهور بين
السلف والخلف ; ولكن القول الراجح أن هذه يمين من الأيمان لا يلزمه بها طلاق ولو قصد بذلك الحلف بالطلاق . وهذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد المشهور عنه حتى لو
قال : أنت علي حرام ونوى به الطلاق لم يقع به الطلاق عنده . ولو
قال : أنت علي كظهر أمي وقصد به الطلاق فإن هذا لا يقع به الطلاق عند عامة العلماء وفي ذلك أنزل الله القرآن ; فإنهم كانوا يعدون الظهار طلاقا والإيلاء طلاقا فرفع الله ذلك كله وجعل في الظهار الكفارة الكبرى . وجعل الإيلاء يمينا يتربص فيها الرجل أربعة أشهر : فإما أن يمسك بمعروف أو يسرح بإحسان .
كذلك قال كثير من
السلف والخلف : إنه إذا كان مزوجا فحرم امرأته أو حرم الحلال مطلقا كان مظاهرا وهذا مذهب
أحمد وإذا
حلف بالظهار والحرام لا يفعل شيئا وحنث [ ص: 75 ] في يمينه أجزأته الكفارة في مذهبه ; لكن قيل إن الواجب كفارة ظهار وسواء حلف أو أوقع وهو المنقول عن
أحمد . وقيل : بل إن حلف به أجزأه كفارة يمين . وإن أوقعه لزمه كفارة ظهار . وهذا أقوى وأقيس على أصول
أحمد وغيره .
فالحالف بالحرام يجزيه كفارة يمين كما يجزئ الحالف بالنذر إذا قال : إن فعلت كذا فعلي الحج . أو مالي صدقة كذلك
إذا حلف بالعتق يجزئه كفارة عند أكثر
السلف من
الصحابة والتابعين ; كذلك
الحلف . بالطلاق يجزئ فيه أيضا كفارة يمين كما أفتى به [ جماعة ] من
السلف والخلف والثابت عن
الصحابة لا يخالف ذلك ; بل معناه يوافقه . فكل يمين يحلف بها المسلمون في أيمانهم ففيها كفارة يمين كما دل عليه الكتاب والسنة .
وأما إذا كان مقصود الرجل أن يطلق أو أن يعتق أو أن يظاهر : فهذا يلزمه ما أوقعه سواء كان منجزا أو معلقا ولا يجزئه كفارة يمين . والله سبحانه أعلم .