فأجاب : إذا جامعها بعد الولادة ينظر في ذلك إلى نية الحالف وسبب اليمين فإن كان حلف لسبب وزال السبب فلا حنث عليه : في أظهر قولي العلماء في مذهب أحمد وغيره ; فإن من حلف على معين لسبب : كأن يحلف أن لا يدخل البلد لظلم رآه فيه ثم يزول الظلم . أو لا يكلم فلانا ثم يزول الفسق ونحو ذلك : ففي حنثه حينئذ " قولان " في مذهب أحمد وغيره أظهرهما أنه لا حنث عليه ; لأن الحض والمنع في اليمين كالأمر والنهي : فالحلف كل نفسه أو غيره بمنزلة الناهي عن الفعل .
ومن نهى عن دخول بلد أو كلام شخص لمعنى ثم زال ذلك المعنى زال المنهي عنه كما إذا امتنع أن يبدأ رجلا بالسلام ; لكونه كافرا فأسلم . وأن لا يدخل بلدا ; لكونه دار حرب فصار دار إسلام . ونحو ذلك ; فإن الحكم إذا ثبت بعلة زال بزوالها [ ص: 235 ] فالرجل إذا حلف لا يواقع امرأته إذا كان قصده عقوبتها ; لكونها تماطله وتنشز عليه إذا طلب ذلك ; فإذا تابت من ذلك وصارت مطيعة موافقة زال سبب الهجر الذي علقها به كما لو هجرها لنشوز ثم زال . وأما إن كان قصده الامتناع من وطئها أبدا ; لأجل الذنب المتقدم . تابت أو لم تتب بحيث لو علم أنها تتوب توبة صحيحة كان مقصوده عقوبتها على ما مضى كما يعاقب الرجل غيره لذنب ماض تاب منه أو لم يتب ; لا لغرض الزجر عن المستقبل ; بل لمجرد شفاء غيظه ; ونحو ذلك : فهذا نوع آخر والله أعلم .