وسئل رحمه الله تعالى عن رجل له زوجة طلبت منه الطلاق وطلقها وقال : ما بقيت أعود إليها أبدا فوجده صاحبه فقال : ما أصدقك على هذا إلا إن قلت : كلما تزوجت هذه كانت طالقا على مذهب مالك ولم ير الأحكام الشرعية : فهل له أن يردها ؟
فأحاب : الحمد لله . أما إن قصد كلما تزوجتها برجعة أو عقد جديد - وهو ظاهر كلامه - فمتى ارتجعها قبل انقضاء العدة طلقت ثانية ثم إن ارتجعها طلقت ثالثة - وإن تركها حتى تنقضي عدتها بانت منه ; فإذا تزوجها بعد ذلك فمن قال : إن تعليق الطلاق بالنكاح يقع في مثل هذا - كأبي حنيفة ومالك وأحمد في رواية - قال إن هذه إذا تزوجها يقع بها الطلاق . وأما من لم يقل بذلك - كالشافعي وأحمد في المشهور عنه - فهذه لما علق طلاقها كانت رجعية والرجعية كالزوجة في مثل هذا ; لكن تخلل البينونة : هل يقطع [ ص: 246 ] حكم الصفة ؟ ظاهر مذهب أحمد أنه لا يقطع . وقد نص على الفرق في تعليق الطلاق على النكاح بين أن يكون في عدة أو لا يكون فعلى مذهبه يقع الطلاق بها إذا تزوجها وهو أحد قولي الشافعي . وعلى قوله الآخر الذي يقول فيه : إن البينونة تقطع حكم الصفة وهو رواية عن أحمد ; فإن قوله إذا تزوجها كقوله إذا دخلت الدار . وإذا بانت انحلت هذه اليمين فيجوز له أن يتزوجها ولا يقع به طلاق وهو الذي يرجحه كثير من أصحاب الشافعي .
وأما قوله على مذهب مالك فإنه التزام منه لمذهب بعينه وذلك لا يلزم ; بل له أن يقلد مذهب الشافعي . وإن كان الطلاق بائنا بعوض والتعليق بعد هذا في العدة وغيره تعليق بأجنبية فلا يقع به شيء إذا تزوجها في مذهب الشافعي .