وسئل رحمه الله تعالى عن الصبي إذا رضع من غير أمه ; وكذلك الصبية إذا رضعت : ماذا يحرم عليه نكاحه بعد ذلك ؟ وما حد الرضعة المحرمة ؟ وهل للرضاعة بعد الفطام تأثير في التحريم ؟ وهل تبقى المرأة حرام على من تعدى سنين الرضاعة أم لا ؟
فأجاب : إذا ارتضع الطفل أو الطفلة من امرأة خمس رضعات في الحولين فقد صار ولدها من الرضاعة ; وصار الرجل الذي در اللبن بوطئه أباه من الرضاعة وإخوة المرأة أخواله وخالاته وإخوة الرجل أعمامه وعماته . وآباؤها أجداده وجداته ; وأولاد كل منهما إخوته وأخواته . وكل هؤلاء حرام عليه فإنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب . وكذلك أولاد هذا المرتضع يحرمون على أجداده وجداته ; وإخوته وأخواته وأعمامه وعماته ; [ ص: 58 ] وأخواله وخالاته من الرضاعة . وهذا كله باتفاق المسلمين فيثبت حرمة الرضاع من جهة الأبوين ومن جهة الولد .
وأما أبو المرتضع من النسب وأمهاته وإخوته وأخواته من النسب : فكل هؤلاء أجانب من المرتضعة وأقاربها : باتفاق العلماء فيجوز لأخيه من النسب أن يتزوج أخته من الرضاعة ويجوز لجميع إخوة المرتضع أن يتزوجوا بمن شاءوا من بنات المرضعة سواء في ذلك التي أرضعت مع الطفل وغيرها . ولا يجوز للمرتضع أن يتزوج أحدا من أولاد المرضعة ; لا بمن ولد قبل الرضاع ولا من ولد بعده باتفاق العلماء . وكثير من الناس يغلط في هذا الموضوع فلا يميز بين إخوة المرتضع من النسب الذين هم أجانب من المرأة وبين أولاد المرتضعة الذين إخوته من الرضاع ويجعل الجميع نوعا واحدا ; وليس كذلك ; بل يجوز لهؤلاء أن يتزوجوا من هؤلاء .
[ ص: 61 ] وتنازع العلماء في جواز بيعه منفردا ؟ على ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره . قيل : يجوز بيعه كمذهب الشافعي . وقيل : لا يجوز كمذهب أبي حنيفة . وقيل : يجوز بيع لبن الأمة دون لبن الحرة . والله أعلم .