[ ص: 138 ] وسئل رحمه الله تعالى عن القاتل عمدا أو خطأ : هل يدفع الكفارة المذكورة في القرآن { فصيام شهرين متتابعين } ؟ أو يطالب بدية القتل ؟
فأجاب : " قتل الخطأ " لا يجب فيه إلا الدية والكفارة ولا إثم فيه . وأما القاتل عمدا فعليه الإثم فإذا عفى عنه أولياء المقتول أو أخذوا الدية : لم يسقط بذلك حق المقتول في الآخرة . وإذا قتلوه ففيه نزاع في مذهب أحمد . والأظهر أن لا يسقط ; لكن القاتل إذا كثرت حسناته أخذ منه بعضها ما يرضى به المقتول أو يعوضه الله من عنده إذا تاب القاتل توبة نصوحا . وقاتل الخطأ تجب عليه الدية بنص القرآن واتفاق الأمة والدية تجب للمسلم والمعاهد كما قد دل عليه القرآن وهو قول السلف والأئمة ; ولا يعرف فيه خلاف متقدم ; لكن بعض متأخري الظاهرية زعم أنه الذي لا دية له .
[ ص: 139 ] وأما " القاتل عمدا " ففيه القود فإن اصطلحوا على الدية . جاز ذلك بالنص والإجماع فكانت الدية من مال القاتل ; بخلاف الخطأ فإن ديته على عاقلته . وأما " الكفارة " فجمهور العلماء يقولون : قتل العمد أعظم من أن يكفر كذلك قالوا في اليمين الغموس . هذا مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد في المشهور عنه كما اتفقوا كلهم على أن الزنى أعظم من أن يكفر ; فإنما وجبت الكفارة بوطء المظاهر والوطء في رمضان . وقال الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى : بل تجب الكفارة في العمد واليمين الغموس . واتفقوا على أن الإثم لا يسقط بمجرد الكفارة .