وهذا الذي عليه جماهير أئمة المسلمين : من الصحابة والتابعين وأئمة الأمصار والآثار ولكن بعض علماء المسلمين سمعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في النبيذ ; وأن الصحابة كانوا يشربون النبيذ : فظنوا أنه السكر ; وليس كذلك ; بل النبيذ الذي شربه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة هو أنهم كانوا ينبذون التمر أو الزبيب أو نحو ذلك في الماء حتى يحلو فيشربه أول يوم وثاني يوم ; وثالث يوم ; ولا يشربه بعد ثلاث ; لئلا تكون الشدة قد بدت فيه ; وإذا اشتد قبل ذلك لم يشرب . وقد [ ص: 196 ] روى أهل السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=601035ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها } وروي هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم من أربعة أوجه وهذا يتناول من شرب هذه الأشربة التي يسمونها الصرماء وغير ذلك ; والأمر في ذلك واضح ; فإن خمر العنب قد أجمع المسلمون على تحريم قليلها وكثيرها ; ولا فرق في الحس ولا العقل بين خمر العنب والتمر والزبيب والعسل ; فإن هذا يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ; وهذا يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ; وهذا يوقع العداوة والبغضاء ; وهذا يوقع العداوة والبغضاء . والله سبحانه قد أمر بالعدل والاعتبار ; وهذا هو " القياس الشرعي " وهو التسوية بين المتماثلين ; فلا يفرق الله ورسوله بين شراب مسكر وشراب مسكر فيبيح قليل هذا ولا يبيح قليل هذا ; بل يسوي بينهما وإذا كان قد حرم القليل من أحدهما حرم القليل منهما ; فإن القليل يدعو إلى الكثير وأنه سبحانه أمر باجتناب الخمر ولهذا يؤمر بإراقتها ; ويحرم اقتناؤها وحكم بنجاستها ; وأمر بجلد شاربها ; كل ذلك حسما لمادة الفساد ; فكيف يبيح القليل من الأشربة المسكرة والله أعلم .