ولقد
[ ص: 399 ] تنازع العلماء من أصحاب
أحمد وغيرهم
هل يتخذ الإمام حبسا ؟ على قولين .
فمن قال : لا يتخذ حبسا ; قال : يعوقه بمكان من الأمكنة أو يقام عليه حافظ وهو الذي يسمى " الترسيم " .
ولهذا لما كان حضور مجلس الحاكم تعويقا ومنعا من جنس السجن والحبس تنازع العلماء :
هل يحضر الخصم المطلوب بمجرد الدعوى ؟ أم لا يحضر إذا كان ممن يبتذل بالحضور حتى يبين لمدعي الدعوى أصل ؟ على قولين هما روايتان عن
أحمد .
" والثاني " قول
مالك .
" والأول " قول
أبي حنيفة والشافعي .
ومن العلماء من قال :
الحبس في التهمة إنما هو للوالي والي الحرب ; دون القاضي وقد ذكرها طائفة من أصحاب
الشافعي .
كأبي عبد الله الزبيري وأقضى القضاة
الماوردي وغيرهما . وطائفة من أصحاب
أحمد المصنفين في " أدب القضاة " وغيرهم .
واختلفوا في
مقدار الحبس في التهمة : هل هو مقدر ؟ أو مرجعه إلى اجتهاد الإمام ؟ على قولين ذكرهما
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى والقاضي الماوردي وغيرهما .
وقيل هو مقدر بشهر وهو قول
أبي عبد الله الزبيري .
وقيل : هو غير مقدر وهو اختيار
الماوردي .
[ ص: 400 ] القسم " الثالث " أن يكون المتهم معروفا بالفجور مثل المتهم بالسرقة إذا كان معروفا بها قبل ذلك والمتهم بقطع طريق إذا كان معروفا به والمتهم بالقتل أو كان أحد هؤلاء معروفا بما يقتضي ذلك . فإذا جاز حبس المجهول فحبس المعروف بالفجور أولى وما علمت أحدا من أئمة المسلمين المتبعين من قال إن المدعى عليه في جميع هذه الدعاوى يحلف ويرسل بلا حبس ولا غيره من جميع ولاة الأمور ; فليس هذا على إطلاقه مذهب أحد من الأئمة ومن زعم أن هذا على إطلاقه وعمومه هو الشرع فهو غالط غلطا فاحشا مخالفا لنصوص رسول الله صلى الله عليه وسلم ولإجماع الأمة وبمثل هذا الغلط الفاحش استجرأ الولاة على مخالفة الشرع وتوهموا أن مجرد الشرع لا بسياسة العالم وبمصالح الأمة واعتدوا حدود الله في ذلك .
وتولد من جهل الفريقين بحقيقة الشرع خروج الناس عنه إلى أنواع من البدع السياسية .
فهذا القسم فيه مسائل القسامة والحكم فيها معروف ولا يحتاج إلى ذكرها هاهنا . وأما التهمة في السرقة وقطع الطريق ونحوهما فقد تقدم ذكر الحبس فيهما .