[ ص: 225 ] فصل : وكذلك في
" الإرادة " و " المحبة " كقوله تعالى : {
إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون } . وقوله : {
ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله } وقوله : {
لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين } وقوله : {
وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول } وقوله : {
وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له } وقوله : {
وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا } وقوله : {
ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك } وأمثال ذلك في القرآن العزيز . فإن جوازم الفعل المضارع ونواصبه تخلصه للاستقبال مثل " إن " و " أن " وكذلك " إذا " ظرف لما يستقبل من الزمان ; فقوله : {
إذا أراد } و {
إن شاء الله } ونحو ذلك يقتضي حصول إرادة مستقبلة ومشيئة مستقبلة .
وكذلك في
المحبة والرضا قال الله تعالى : {
قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } فإن هذا يدل على أنهم إذا اتبعوه أحبهم الله ; فإنه جزم قوله : " يحببكم " به فجزمه جوابا للأمر وهو في معنى الشرط فتقديره : إن تتبعوني يحببكم الله . ومعلوم أن جواب الشرط والأمر إنما يكون بعده لا قبله ; فمحبة الله لهم إنما تكون بعد اتباعهم للرسول ; والمنازعون : منهم من يقول : ما ثم
[ ص: 226 ] محبة بل المراد ثوابا مخلوقا ومنهم من يقول : بل ثم محبة قديمة أزلية إما الإرادة وإما غيرها والقرآن يدل على قول
السلف أئمة السنة المخالفين للقولين . وكذلك قوله : {
ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه } فإنه يدل على أن أعمالهم أسخطته فهي سبب لسخطه وسخطه عليهم بعد الأعمال ; لا قبلها .
وكذلك قوله : {
فلما آسفونا انتقمنا منهم } وكذلك قوله : {
إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم } علق الرضا بشكرهم وجعله مجزوما جزاء له وجزاء الشرط لا يكون إلا بعده . وكذلك قوله : {
إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين } {
يحب المتقين } {
يحب المقسطين } {
يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا } ونحو ذلك فإنه يدل على أن المحبة بسبب هذه الأعمال وهي جزاء لها والجزاء إنما يكون بعد العمل والمسبب .