واشهد من عوف حلولا كثيرة يحجون سب الزبرقان المزعفرا
كان متكلما باللغة وقد قيد : لفظه : بحج سب الزبرقان المزعفر . ومعلوم أن ذلك الحج المخصوص دلت عليه الإضافة فكذلك الحج المخصوص الذي أمر الله به دلت عليه الإضافة أو التعريف باللام : فإذا قيل : الحج فرض عليك كانت لام العهد تبين أنه حج البيت وكذلك " الزكاة " هي اسم لما تزكو به النفس ; وزكاة النفس زيادة خيرها وذهاب شرها والإحسان إلى الناس من أعظم ما تزكو به النفس ; كما قال تعالى : { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } وكذلك ترك الفواحش مما تزكو به . قال تعالى . { ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا } وأصل زكاتها بالتوحيد وإخلاص الدين لله ; قال تعالى : { وويل للمشركين } { الذين لا يؤتون الزكاة } وهي عند المفسرين التوحيد . وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم مقدار الواجب وسماها الزكاة المفروضة ; فصار لفظ الزكاة إذا عرف باللام ينصرف إليها لأجل العهد ومن الأسماء ما يكون أهل العرف نقلوه وينسبون ذلك إلى الشارع مثل لفظ " التيمم " فإن الله تعالى قال : { فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه } فلفظ " التيمم " استعمل في معناه المعروف في اللغة فإنه أمر بتيمم الصعيد ثم أمر بمسح الوجوه والأيدي منه ; فصار لفظ التيمم في عرف الفقهاء يدخل فيه هذا المسح ; وليس [ ص: 300 ] هو لغة الشارع بل الشارع فرق بين تيمم الصعيد وبين المسح الذي يكون بعده ولفظ " الإيمان " أمر به مقيدا بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وكذلك لفظ " الإسلام " بالاستسلام لله رب العالمين ; وكذلك لفظ " الكفر " مقيدا ; ولكن لفظ " النفاق " قد قيل : إنه لم تكن العرب تكلمت به لكنه مأخوذ من كلامهم فإن نفق يشبه خرج ومنه نفقت الدابة إذا ماتت : ومنه نافقاء اليربوع والنفق في الأرض قال تعالى : { فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض } فالمنافق هو الذي خرج من الإيمان باطنا بعد دخوله فيه ظاهرا ; وقيد النفاق بأنه نفاق من الإيمان . ومن الناس من يسمي من خرج عن طاعة الملك منافقا عليه ; لكن النفاق الذي في القرآن هو النفاق على الرسول . فخطاب الله ورسوله للناس بهذه الأسماء كخطاب الناس بغيرها ; وهو خطاب مقيد خاص لا مطلق يحتمل أنواعا . وقد بين الرسول تلك الخصائص ; والاسم دل عليها ; فلا يقال : إنها منقولة ولا إنه زيد في الحكم دون الاسم ; بل الاسم إنما استعمل على وجه يختص بمراد الشارع ; لم يستعمل مطلقا وهو إنما قال : { وأقيموا الصلاة } بعد أن عرفهم الصلاة المأمور بها ; فكان التعريف منصرفا إلى الصلاة التي يعرفونها ; لم يرد لفظ الصلاة وهم لا يعرفون معناه . ولهذا كل من قال في لفظ الصلاة : إنه عام للمعنى اللغوي ; أو إنه مجمل لتردده بين المعنى اللغوي والشرعي ونحو ذلك ; فأقوالهم ضعيفة فإن هذا اللفظ إنما ورد خبرا أو أمرا فالخبر كقوله : { أرأيت الذي ينهى } { عبدا إذا صلى } وسورة { اقرأ } من أول ما نزل من القرآن { [ ص: 301 ] بعض الكفار إما أبو جهل أو غيره قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة وقال : لئن رأيته يصلي لأطأن عنقه . فلما رآه ساجدا رأى من الهول ما أوجب نكوصه على عقبيه وكان } فإذا قيل : { أرأيت الذي ينهى } { عبدا إذا صلى } فقد علمت تلك الصلاة الواقعة بلا إجمال في اللفظ ولا عموم . ثم إنه لما فرضت الصلوات الخمس ليلة المعراج أقام النبي صلى الله عليه وسلم لهم الصلوات بمواقيتها صبيحة ذلك اليوم وكان جبرائيل يؤم النبي صلى الله عليه وسلم . والمسلمون يأتمون بالنبي صلى الله عليه وسلم . فإذا قيل لهم : { وأقيموا الصلاة } عرفوا أنها تلك الصلاة وقيل : إنه قبل ذلك كانت له صلاتان طرفي النهار فكانت أيضا معروفة فلم يخاطبوا باسم من هذه الأسماء إلا ومسماه معلوم عندهم . فلا إجمال في ذلك ولا يتناول كل ما يسمى حجا ودعاء وصوما فإن هذا إنما يكون إذا كان اللفظ مطلقا وذلك لم يرد . وكذلك " الإيمان " و " الإسلام " وقد كان معنى ذلك عندهم من أظهر الأمور وإنما سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وهم يسمعون وقال : { جبريل جاءكم يعلمكم دينكم هذا } ليبين لهم كمال هذه الأسماء وحقائقها التي ينبغي أن تقصد لئلا يقتصروا على أدنى مسمياتها وهذا كما في الحديث الصحيح أنه قال : { ليس المسكين هذا الطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه ولا يسأل الناس إلحافا } فهم كانوا يعرفون المسكين وأنه المحتاج وكان ذلك [ ص: 302 ] مشهورا عندهم فيمن يظهر حاجته بالسؤال فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي يظهر حاجته بالسؤال والناس يعطونه تزول مسكنته بإعطاء الناس له والسؤال له بمنزلة الحرفة وهو وإن كان مسكينا يستحق من الزكاة إذا لم يعط من غيرها كفايته فهو إذا وجد من يعطيه كفايته لم يبق مسكينا وإنما المسكين المحتاج الذي لا يسأل ولا يعرف فيعطى . فهذا هو الذي يجب أن يقدم في العطاء فإنه مسكين قطعا وذاك مسكنته تندفع بعطاء من يسأله وكذلك قوله : " الإسلام هو الخمس " يريد أن هذا كله واجب داخل في الإسلام فليس للإنسان أن يكتفي بالإقرار بالشهادتين ; وكذلك الإيمان يجب أن يكون على هذا الوجه المفصل لا يكتفي فيه بالإيمان المجمل ولهذا وصف الإسلام بهذا . وقد اتفق المسلمون على أنه من لم يأت بالشهادتين فهو كافر وأما الأعمال الأربعة فاختلفوا في تكفير تاركها ونحن إذا قلنا : أهل السنة متفقون على أنه لا يكفر بالذنب فإنما نريد به المعاصي كالزنا والشرب وأما هذه المباني ففي تكفير تاركها نزاع مشهور . وعن أحمد : في ذلك نزاع وإحدى الروايات عنه : إنه يكفر من ترك واحدة منها وهو اختيار أبي بكر وطائفة من أصحاب مالك . وعنه رواية ثانية : لا يكفر إلا بترك الصلاة والزكاة فقط ورواية ثالثة : لا يكفر إلا بترك الصلاة والزكاة إذا قاتل الإمام عليها ورابعة : لا يكفر إلا بترك الصلاة . وخامسة : لا يكفر بترك شيء منهن . وهذه أقوال معروفة كابن حبيب للسلف . قال : من الحكم بن عتيبة ترك الصلاة متعمدا فقد كفر ومن ترك الزكاة متعمدا فقد كفر . ومن ترك الحج متعمدا فقد كفر . ومن ترك صوم [ ص: 303 ] رمضان متعمدا فقد كفر . وقال سعيد بن جبير : من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر بالله . ومن ترك الزكاة متعمدا فقد كفر بالله . ومن ترك صوم رمضان متعمدا فقد كفر بالله . وقال الضحاك : لا ترفع الصلاة إلا بالزكاة . وقال : من عبد الله بن مسعود أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فلا صلاة له . رواهن أسد بن موسى . وقال عبد الله بن عمرو : من شرب الخمر ممسيا أصبح مشركا ومن شربه مصبحا أمسى مشركا فقيل لإبراهيم النخعي : كيف ذلك ؟ قال : لأنه يترك الصلاة قال أبو عبد الله الأخنس في كتابه : من شرب المسكر فقد تعرض لترك الصلاة ومن ترك الصلاة فقد خرج من الإيمان . ومما يوضح ذلك أن جبريل لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان كان في آخر الأمر بعد فرض الحج والحج إنما فرض سنة تسع أو عشر . وقد اتفق الناس على أنه لم يفرض قبل ست من الهجرة ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر الناس بالإيمان . ولم يبين لهم معناه إلى ذلك الوقت بل كانوا يعرفون أصل معناه وهذه المسائل لبسطها موضع آخر . و ( المقصود هنا أن من نفى عنه الرسول اسم " الإيمان " أو " الإسلام " فلا بد أن يكون قد ترك بعض الواجبات فيه وإن بقي بعضها ولهذا كان الصحابة والسلف يقولون : إنه يكون في العبد إيمان ونفاق . قال : حدثنا أبو داود السجستاني حدثنا أحمد بن حنبل وكيع عن الأعمش عن شقيق عن أبي المقدام عن [ ص: 304 ] أبي يحيى قال : سئل حذيفة عن المنافق . قال : الذي يعرف الإسلام ولا يعمل به . وقال أبو داود : حدثنا حدثنا عثمان بن أبي شيبة جرير عن الأعمش عن عن عمرو بن مرة عن أبي البختري حذيفة قال : القلوب أربعة : قلب أغلف فذلك قلب الكافر وقلب مصفح وذلك قلب المنافق وقلب أجرد فيه سراج يزهر فذلك قلب المؤمن ; وقلب فيه إيمان ونفاق ; فمثل الإيمان فيه كمثل شجرة يمدها ماء طيب ; ومثل النفاق مثل قرحة يمدها قيح ودم ; فأيهما غلب عليه غلب . وقد روي مرفوعا ; وهو في " المسند " مرفوعا . وهذا الذي قاله حذيفة يدل عليه قوله تعالى : { هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان } فقد كان قبل ذلك فيهم نفاق مغلوب فلما كان يوم أحد غلب نفاقهم فصاروا إلى الكفر أقرب . وروى عن عبد الله بن المبارك عوف بن أبي جميلة عن عبد الله بن عمرو بن هند عن قال : إن الإيمان يبدو لمظة بيضاء في القلب فكلما ازداد العبد إيمانا ازداد القلب بياضا حتى إذا استكمل الإيمان ابيض القلب كله . وإن النفاق يبدو لمظة سوداء في القلب فكلما ازداد العبد نفاقا ازداد القلب سوادا حتى إذا استكمل العبد النفاق اسود القلب وأيم الله لو شققتم عن قلب المؤمن لوجدتموه أبيض ولو شققتم عن قلب المنافق والكافر لوجدتموه أسود . وقال علي بن أبي طالب ابن مسعود : الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل . رواه أحمد وغيره وهذا كثير في كلام السلف يبينون أن القلب قد يكون فيه [ ص: 305 ] إيمان ونفاق والكتاب والسنة يدلان على ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر شعب الإيمان وذكر شعب النفاق وقال : { من كانت فيه شعبة منهن كانت فيه شعبة من النفاق حتى يدعها } وتلك الشعبة قد يكون معها كثير من شعب الإيمان ولهذا قال : { ويخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان } فعلم أن من كان معه من الإيمان أقل القليل لم يخلد في النار وأن من كان معه كثير من النفاق فهو يعذب في النار على قدر ما معه من ذلك ثم يخرج من النار . وعلى هذا فقوله للأعراب : { لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم } نفى حقيقة دخول الإيمان في قلوبهم وذلك لا يمنع أن يكون معهم شعبة منه كما نفاه عن الزاني والسارق ومن لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه ومن لا يأمن جاره بوائقه وغير ذلك كما تقدم ذكره فإن في القرآن والحديث ممن نفي عنه الإيمان لترك بعض الواجبات شيء كثير . وحينئذ فنقول : من قال من السلف : أسلمنا أي استسلمنا خوف السيف وقول من قال : هو الإسلام . الجميع صحيح فإن هذا إنما أراد الدخول في الإسلام والإسلام الظاهر يدخل فيه المنافقون فيدخل فيه من كان في قلبه إيمان ونفاق وقد علم أنه يخرج من النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان بخلاف المنافق المحض الذي قلبه كله أسود فهذا هو الذي يكون في الدرك الأسفل من النار ولهذا كان الصحابة يخشون النفاق على أنفسهم ولم يخافوا [ ص: 306 ] التكذيب لله ورسوله فإن المؤمن يعلم من نفسه أنه لا يكذب الله ورسوله يقينا وهذا مستند من قال : أنا مؤمن حقا فإنه أراد بذلك ما يعلمه من من نفسه من التصديق الجازم ولكن الإيمان ليس مجرد التصديق بل لا بد من أعمال قلبية تستلزم أعمالا ظاهرة كما تقدم فحب الله ورسوله من الإيمان وحب ما أمر الله به وبغض ما نهى عنه هذا من أخص الأمور بالإيمان ولهذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث أن : { من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن } فهذا يحب الحسنة ويفرح بها ويبغض السيئة ويسوءه فعلها وإن فعلها بشهوة غالبة وهذا الحب والبغض من خصائص الإيمان . ومعلوم أن الزاني حين يزني إنما يزني لحب نفسه لذلك الفعل فلو قام بقلبه خشية الله التي تقهر الشهوة أو حب الله الذي يغلبها ; لم يزن ولهذا قال تعالى عن يوسف عليه السلام { كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين } فمن كان مخلصا لله حق الإخلاص لم يزن وإنما يزني لخلوه عن ذلك وهذا هو الإيمان الذي ينزع منه لم ينزع منه نفس التصديق ولهذا قيل : هو مسلم وليس بمؤمن ; فإن المسلم المستحق للثواب لا بد أن يكون مصدقا وإلا كان منافقا ; لكن ليس كل من صدق قام بقلبه من الأحوال الإيمانية الواجبة مثل كمال محبة الله ورسوله ومثل خشية الله والإخلاص له في الأعمال والتوكل عليه بل يكون الرجل مصدقا بما جاء به الرسول وهو [ ص: 307 ] مع ذلك يرائي بأعماله ويكون أهله وماله أحب إليه من الله ورسوله والجهاد في سبيله وقد خوطب بهذا المؤمنون في آخر الأمر في سورة " براءة " فقيل لهم : { إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين } ومعلوم أن كثيرا من المسلمين أو أكثرهم بهذه الصفة . وقد ثبت أنه لا يكون الرجل مؤمنا حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ; وإنما المؤمن من لم يرتب وجاهد بماله ونفسه في سبيل الله فمن لم تقم بقلبه الأحوال الواجبة في الإيمان فهو الذي نفى عنه الرسول الإيمان وإن كان معه التصديق والتصديق من الإيمان ولا بد أن يكون مع التصديق شيء من حب الله وخشية الله وإلا فالتصديق الذي لا يكون معه شيء من ذلك ليس إيمانا ألبتة بل هو كتصديق فرعون واليهود وإبليس وهذا هو الذي أنكره السلف على الجهمية . قال الحميدي : سمعت وكيعا يقول : أهل السنة يقولون : الإيمان قول وعمل والمرجئة يقولون : الإيمان قول . والجهمية يقولون : الإيمان المعرفة وفي رواية أخرى عنه : وهذا كفر . قال محمد بن عمر الكلابي : سمعت وكيعا يقول : الجهمية شر من القدرية قال : وقال وكيع : المرجئة : الذين يقولون : الإقرار يجزئ عن العمل ; ومن قال هذا فقد هلك ; ومن قال : النية تجزئ عن العمل فهو كفر وهو قول جهم وكذلك قال . أحمد بن حنبل [ ص: 308 ] ولهذا كان القول : إن الإيمان قول وعمل عند أهل السنة من شعائر السنة وحكى غير واحد الإجماع على ذلك وقد ذكرنا عن الشافعي رضي الله عنه ما ذكره من الإجماع على ذلك قوله في " الأم " : وكان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ومن أدركناهم يقولون : إن الإيمان قول وعمل ونية لا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر ; وذكرابن أبي حاتم - في " مناقبه " - : سمعت حرملة يقول : اجتمع حفص الفرد ومصلان الإباضي عند الشافعي في دار الجروي فتناظرا معه في الإيمان فاحتج مصلان في الزيادة والنقصان وخالفه حفص الفرد فحمي الشافعي وتقلد المسألة على أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فطحن حفصا الفرد وقطعه . وروى أبو عمرو الطلمنكي بإسناده المعروف عن موسى بن هارون الحمال قال : أملى علينا إسحاق بن راهويه أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص لا شك أن ذلك كما وصفنا وإنما عقلنا هذا بالروايات الصحيحة والآثار العامة المحكمة ; وآحاد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين وهلم جرا على ذلك وكذلك بعد التابعين من أهل العلم على شيء واحد لا يختلفون فيه وكذلك في عهد الأوزاعي بالشام وسفيان الثوري بالعراق ; ومالك بن أنس بالحجاز ومعمر باليمن على ما فسرنا وبينا أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص . وقال إسحاق : من ترك الصلاة متعمدا حتى ذهب وقت الظهر إلى المغرب [ ص: 309 ] والمغرب إلى نصف الليل فإنه كافر بالله العظيم يستتاب ثلاثة أيام فإن لم يرجع وقال تركها لا يكون كفرا ضربت عنقه - يعني تاركها . وقال ذلك - وأما إذا صلى وقال ذلك فهذه مسألة اجتهاد قال : واتبعهم على ما وصفنا من بعدهم من عصرنا هذا أهل العلم إلا من باين الجماعة واتبع الأهواء المختلفة فأولئك قوم لا يعبأ الله بهم لما باينوا الجماعة . قال - وله كتاب مصنف في الإيمان قال - : هذه تسمية من كان يقول : الإيمان قول وعمل يزيد وينقص . أبو عبيد القاسم بن سلام الإمام