(
السبب الرابع الدافع للعقاب ) : دعاء المؤمنين للمؤمن مثل صلاتهم على جنازته فعن
عائشة وأنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49095ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون إلا شفعوا فيه } . وعن
ابن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : {
ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه } رواهما
مسلم . وهذا دعاء له بعد الموت . فلا يجوز أن تحمل المغفرة على المؤمن التقي الذي اجتنب الكبائر وكفرت عنه الصغائر وحده فإن ذلك مغفور له عند المتنازعين . فعلم أن هذا
الدعاء من أسباب المغفرة للميت . ( السبب الخامس ) :
ما يعمل للميت من أعمال البر ؟ كالصدقة ونحوها فإن هذا ينتفع به بنصوص السنة الصحيحة الصريحة واتفاق الأئمة وكذلك العتق والحج . بل قد ثبت عنه في الصحيحين أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596402من مات وعليه صيام صام عنه وليه } وثبت مثل ذلك في الصحيح من صوم النذر من
[ ص: 499 ] وجوه أخرى ولا يجوز أن يعارض هذا بقوله : {
وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } لوجهين . ( أحدهما ) أنه قد ثبت بالنصوص المتواترة وإجماع سلف الأمة أن المؤمن ينتفع بما ليس من سعيه كدعاء الملائكة واستغفارهم له كما في قوله تعالى {
الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا } الآية . ودعاء النبيين والمؤمنين واستغفارهم كما في قوله تعالى {
وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم } وقوله سبحانه : {
ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول } وقوله عز وجل : {
واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات } كدعاء المصلين للميت ولمن زاروا قبره - من المؤمنين - .
( الثاني ) : أن الآية ليست في ظاهرها إلا أنه ليس له إلا سعيه وهذا حق فإنه لا يملك ولا يستحق إلا سعي نفسه وأما سعي غيره فلا يملكه ولا يستحقه ; لكن هذا لا يمنع أن ينفعه الله ويرحمه به ; كما أنه دائما يرحم عباده بأسباب خارجة عن مقدورهم . وهو سبحانه بحكمته ورحمته يرحم العباد بأسباب يفعلها العباد ليثيب أولئك على تلك الأسباب فيرحم الجميع كما في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=69458ما من رجل يدعو لأخيه بدعوة إلا وكل الله به ملكا كلما دعا لأخيه قال الملك الموكل به : آمين ولك [ ص: 500 ] بمثل } وكما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36632من صلى على جنازة فله قيراط ; ومن تبعها حتى تدفن فله قيراطان ; أصغرهما مثل أحد } فهو قد يرحم المصلي على الميت بدعائه له ويرحم الميت أيضا بدعاء هذا الحي له .