فأجاب : الحمد لله هذه الأمور المذكورة وهي الإرادة والإذن والكتاب والحكم والقضاء والتحريم وغيرها كالأمر والبعث والإرسال ينقسم في كتاب الله إلى نوعين : ( أحدهما ما يتعلق بالأمور الدينية التي يحبها الله تعالى ويرضاها . ويثيب أصحابها ويدخلهم الجنة وينصرهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة . وينصر بها العباد من أوليائه المتقين . وحزبه المفلحين وعباده الصالحين .
و ( الثاني ما يتعلق بالحوادث الكونية التي قدرها الله وقضاها مما يشترك فيها المؤمن والكافر والبر والفاجر . وأهل الجنة وأهل النار وأولياء الله وأعداؤه وأهل طاعته الذين يحبهم ويحبونه ويصلي عليهم هو وملائكته وأهل معصيته الذين يبغضهم ويمقتهم ويلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون .
[ ص: 59 ] فمن نظر إليها من هذا الوجه شهد الحقيقة الكونية الوجودية فرأى الأشياء كلها مخلوقة لله مدبرة بمشيئته مقهورة بحكمته فما شاء الله كان وإن لم يشأ الناس وما لم يشأ لم يكن وإن شاء الناس لا معقب لحكمه ولا راد لأمره ورأى أنه سبحانه رب كل شيء ومليكه له الخلق والأمر : وكل ما سواه مربوب له مدبر مقهور لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا بل هو عبد فقير إلى الله تعالى من جميع الجهات والله غني عنه كما أنه الغني عن جميع المخلوقات وهذا الشهود في نفسه حق لكن " طائفة " قصرت عنه : وهم القدرية المجوسية و " طائفة " وقفت عنده وهم القدرية المشركية .